من المختبرات الحقيقية لمستقبل السياسة الأميركية تجاه المنطقة هو كيفية التعامل مع الاتفاق النووي الذي تم إبرامه عام 2015 بشأن البرنامج النووي الإيراني، والذي سيكون بوصلة هذه السياسة، سواء لمخاطره الكبيرة وآثاره العميقة على المنطقة بأسرها من مختلف النواحي الأمنية والبيئية والاستراتيجية أو لالتصاق إيران بجميع أزمات المنطقة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وغيرها انطلاقًا من اعتبارات دينية وآيديولوجية، واستنادًا إلى قرب امتلاكها هذا البرنامج النووي الذي سيجعلها تزيد فوارق القوة بينها وبين دول المنطقة، ولهذا يترقب الجميع بشغف وقلق أيضًا ما سيفعله الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن مع هذا الملف وهل سينقلب على السياسات الصلبة لسلفه ترامب ويعيد السياسات اللينة التي اتبعها الرئيس الأسبق أوباما، أم سيواصل نهجًا واقعيًا مقرًا بخطورة إيران وسياساتها وأهدافها ويهدف إلى مواجهتها حفاظا على أمن واستقرار العالم الذي لم يسلم من الشر والإرهاب الإيراني .
مؤخرًا، ذكرت وكالة رويترز في تسريبات جديدة، أن الولايات المتحدة الأميركية تناقش أفكارًا حول إحياء الاتفاق النووي الإيراني من أجل تخفيف التوتر الذي حصل في العلاقات بين البلدين بعد انسحاب ترامب عام 2018م من الاتفاق النووي، ومن هذه الأفكار إمكانية اتخاذ خطوات صغيرة بين الجانبين كتقديم امتيازات اقتصادية لطهران مقابل التزام إيران بالاتفاق.
معنى هذا، أن احتمالات أن يكون بايدن نسخة أخرى من أوباما أقرب من أن يكون قريبًا من سياسات ترامب، لكنه قد لا يكون بنفس الاندفاع الأوبامي تجاه إيران لأسباب عديدة من بينها أنه ليس مضطرا حاليا أو على وجه السرعة لإحياء هذا الاتفاق النووي، خصوصا أن التعنت الإيراني لا يزال قائمًا ورافضًا لتفاوض جديد حول الاتفاق النووي، كما أنه من الصعب أن يقدم بايدن على خطوة مهمة تغضب إسرائيل في الوقت الراهن، إلا أن العامل الأهم الذي قد يؤخر التفاوض ويجعله تفاوضًا محسوبًا غير مندفع هو العامل الداخلي، أي حالة الانقسام الشديد بين الديمقراطيين الذين ينتمي إليهم بايدن والجمهوريين من أنصار ترامب والمتعاطفين معه والمؤيدين لسياساته.