من أخطر الظواهر التي تعاني منها الأسر منذ بداية انتشار فيروس كورونا 19 قبل نحو عام، ضعف السيطرة على الأطفال، ليس لعجز الأب أو الأم، إنما بسبب الحيرة والإشفاق عليهم من الوضع الصعب الذي يعيشون فيه وحرمانهم من الانطلاق والمرح واللعب واللهو خارج المنزل ومع أصحابهم، ما دفع أولياء الأمور إلى التغاضي عن الكثير من أوجه الصرامة والحزم والضبط الأخرى أملاً في تعويض الأطفال.
تطور الأمر سريعًا ووصل إلى مرحلة خطيرة من الانعزال بين الآباء والأمهات وبين الأطفال الذين ارتموا في أحضان الألعاب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي حتى بات حرمانهم من تلك الوسائل لدقائق معدودة أشد أنواع العقاب لهم، ويعكر صفو يومهم بأكمله، وباتت “اللمة” العائلية سواء على وجبة طعام أو لأي غرض آخر همًا ثقيلاً على الأطفال.
هذا الوضع المقلق بحاجة لمعالجة قوية واستعداد من الآن لمرحلة ما بعد الجائحة، فقد توصلت دراسة بريطانية حديثة لمعهد السياسات التعليمية ومؤسسة الأمير “تشارلز” الخيرية نشرها موقع بي بي سي على الإنترنت مؤخرا إلى أن الصحة العقلية للمراهقين تتضرر، بسبب الاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي، مشيرة إلى ارتفاع عدد الشباب المصابين بمرض عقلي محتمل إلى واحد من كل ستة، مقارنة بواحد من كل تسعة في عام 2017م.
وبينما نحن وأولادنا نحسب أن هذه التكنولوجيا الحديثة توفر رفاهية تعويضية عن الرفاهية الطبيعية والاجتماعية، قالت الدراسة إن رفاهية البنين والفتيات تراجعت خلال فترة المراهقة، وإن الاستخدام المبالغ فيه لوسائل التواصل الاجتماعي اقترن بتقدير سلبي للذات ورفاهية سلبية، مع زيادة عدد الفتيات اللائي يعانين من مشاعر الاكتئاب واليأس.
من الوصايا المفيدة التي تنصح بها الدراسة والتي علينا أن نبحث في كيفية توفيرها لأبنائنا ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لتأثيرها الإيجابي على الجنسين، بينما على وزارات التربية والتعليم في دولنا أن تدرس الأخذ بتوصية زيادة تدريس الصحة العقلية في المدارس. ومن العوامل المهمة التي كشفت عنها الدراسة والتي تسهم في تكوين الحالة العقلية لأولادنا هي دخل الأسرة وصحة الأم كأمور علينا الانتباه لها.