يومًا بعد يوم تتكشف لنا تداعيات أكثر ونتائج أبعد لجائحة كورونا التي تجتاح العالم وكادت تغير ملامحه وتهز أركانه بشدة ووضعته على حافة هاوية تستدعي إعادة النظر والتفكير في المستقبل بعمق وجماعية تراعي الدول الفقيرة قبل الغنية والصغيرة قبل الكبيرة، بعد أن اقتنع الجميع بأن مصير البشرية واحد، وأن أي خلل في بقعة منها يعيق المنظومة كلها ويمنع تقدمها وتطورها.
فرغم ما راج طبيًا بأن الرجال هم الأكثر قابلية للإصابة بمضاعفات خطيرة أو الوفاة بسبب فيروس كورونا، إلا أن هذه الجائحة أثرت سلبًا على ما تحقق للنساء في العالم من مكاسب على الصعيد الاقتصادي الذي كان موضع اهتمام جميع دول العالم التي حرصت وربما نجحت في بذل ما في وسعها للحيلولة دون جموده أو انهياره، والحفاظ على استقراره ولو بحدوده الدنيا لتسير حياة البشر.
ويبدو أن الرجال والقطاعات التي يعملون فيها كانت الأكثر استفادة من هذا الاهتمام والدعم، بينما اختلف الحال بالنسبة للنساء، إذ ذكر مقال نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأميركية أن إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، ساعدت على استقرار الاقتصاد العالمي لكنها فشلت في مراعاة النساء اللواتي يمثلن نصف سكان العالم. تؤكد فورين أفيرز أن الآثار الاقتصادية للجائحة أصابت النساء بقدر أكبر لأنها أدت لانهيار القطاعات التي تشكل النساء غالبية فيها مثل التعليم والخدمات الغذائية والضيافة وتجارة التجزئة، في الوقت الذي ازدادت فيه الأعباء الملقاة على عاتق المرأة في بيتها مع الاعتماد على التعليم عن بعد، فكان عليها رعاية أطفالها ومتابعة تعليمهم، إضافة لمسؤولياتها المعتادة.
وأشارت المجلة إلى دراسة لمعهد ماكينزي حذرت من أنه إذا ظلت تلك الآثار الاقتصادية على المرأة مستمرة دون وضع حلول لها، فقد يكون الناتج المحلي الإجمالي العالمي أقل بمقدار تريليون دولار بحلول عام 2030 عما كان سيكون عليه لو كان تأثير الجائحة محايدا بين الجنسين، وتحفيزها لدول العالم للإسراع بمواجهة كل الآثار السلبية على النساء والرجال لتحقيق 13 تريليون دولار من مكاسب الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول عام 2030.