يبدو أن جائحة كورونا ستجر العالم لنوع جديد من الحروب يختلف عما ألفناه من صراعات تمهيدية ومواجهات عسكرية وخسائر مادية وبشرية، فبعد أن أدى العلماء ما عليهم وتوصلوا للقاحات عدة مضادة لهذا الفيروس وفي فترة قياسية، تسبب الهلع الشديد الذي أصاب دول العالم جراء الطبيعة الماكرة والغامضة لهذا الفيروس وتقلباته وضحاياه، والكلفة الضخمة لتداعياته، لتدخل الدول في سباق رهيب للحصول على اللقاح وتأمينه لشعوبها.
ربما غاب عن بعض الدول أن المواجهات الجزئية لن تؤمن دفاعًا كافيًا ضد الفيروس ولن تحول دون انتشاره، وأن القضاء عليه يتطلب أن يسير الجميع بذات الطريق ليصلوا معا لنهايته، وبدون ذلك ستظل للفيروس جيوب تعطيه فرص العودة مرة أخرى.
ربما استشعرت منظمة الصحة العالمية مثل هذا الخطر، فحذر مديرها تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، من النزعة القومية في اللقاحات، قائلاً إن “هناك خطراً حقيقياً في أن الأدوات نفسها التي من شأنها المساعدة في القضاء على الوباء (اللقاحات) قد تفاقم انعدام المساواة على مستوى العالم”. جاء هذا التصريح بعد أن تراجع الاتحاد الأوروبي عن تهديده بتقييد صادرات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا إلى أيرلندا الشمالية بتعليق بند من اتفاق بريكست مع بريطانيا، يسمح بالتدفق الحر للسلع عبر الحدود الأيرلندية.
واضح أن بعض الدول قد تستخدم اللقاح في علاقاتها الدولية وكنوع من الضغط على الدول الأخرى لتحقيق أهداف معينة، وللقضاء على فيروس كورونا كوفيد 19، من المهم إبعاد اللقاح عن أية حسابات أخرى، وأن تتخلى الدول الغنية عن الأنانية المفرطة وتسمح بهامش معقول وتتيح فرصًا مناسبة للدول الفقيرة للحصول على اللقاحات.