العدد 4455
الجمعة 25 ديسمبر 2020
banner
اعترف بخطئك وكن مدينة هادئة وأشجارا مجنحة تحلق
الجمعة 25 ديسمبر 2020

العناد والترفع وعدم الاعتراف بالخطأ، تشبه البحر العجوز الملوث بعطر الشياطين والأبالسة، وكلما أسرف الإنسان في غروره وعدم اعترافه بخطئه ازداد عمره اليتيم بالمعاناة والألم، وسينخر الفشل صفحة حياته دون أن يشعر، فالاعتراف بالخطأ ليس ضعفا وليس أيضا شبكة منسوجة من الفشل، بل مدينة هادئة وأشجارا مجنحة تحلق باسمنا فوق الحقول، كالقمر المنير في تجاويف الليل.


عند مطالعة القصص وسير العظماء، سنجد أن الاعتراف بالخطأ وتقديم الاعتذار من الفضائل الكبرى للنفس الإنسانية، فعملاق الأدب الروسي تولستوي اختلف مع أحد الناشرين قبل نشر روايته الخالدة “أنا كارنينا” وبعد أن شعر بالذنب والخطأ، رجع إليه وقال له “عفوا.. لم أكن أشاهد الحقيقة”، ويقول الروائي الجميل باولو كويلو “إن الوسيلة الوحيدة لاتخاذ القرار الصحيح هو الاعتراف بالقرار الخاطئ”، أما الشاعر العظيم إقبال فيقول “القوة الكامنة التي تحقق وجودك هي اعترافك بالخطأ”.


ويحدثنا “دايل كارنيجي” عن الكاتب والفيلسوف الأميركي “البرت هبارد” وهو أحد الكتاب الذين استطاعوا أن يثيروا شعبا بأسره، فطالما أثارت عباراته التمرد والعناد في نفوس قرائها، غير أن “هبارد” مع قلة حظه من المقدرة على معاملة الناس، استطاع في أحوال كثيرة أن يحول أعداءه إلى أصدقاء، ومثال ذلك أن قارئا ساخطا كتب إليه مرة يقول إنه لا يقره على ما جاء في أحد مقالاته، وأنهى خطابه بأن نعت “هبارد” بما لا يحب من الصفات، فما كان من “هبارد” إلا أن أرسل له يقول “هل لك أن تتفضل بزيارتي لنبحث معا هذا الموضوع؟ أنا نفسي لا أقر ما كتبت، فما كل ما كتبت بالأمس يروق لي اليوم، وكم يسعدني أن أطلع على آرائك في هذا الموضوع”.


فماذا تستطيع أن تقول لإنسان يعاملك بهذا الأسلوب، عندما تكون على صواب، دعنا نحاول أن نكسب الناس بلطف وکياسة إلى وجهة نظرنا، وإذا كنا مخطئين فدعنا نسلم بأخطائنا في سرعة وحماسة، فاتباع هذه الطريقة سيحقق لك نتائج مدهشة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية