+A
A-

"النأي بالنفس".. طلب فرنسي من لبنان وشروط للمساعدة

عاد شعار النأي بالنفس والحياد إلى لبنان ثانية، عن طريق فرنسا هذه المرة، بعد أن أثار جدلا خلال الأيام الماضية، إثر دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي (رجل دين مسيحي بارز) إلى الحياد عن الصراعات الخارجية، في نداء فهم كأنه إشارة إلى حزب الله الذي ينتشر مقاتلوه في سوريا، كما يلوح بين الفينة والأخرى بردود على إسرائيل، لا سيما بعد الغارات التي تستهدفه بشكل متكرر في سوريا.

فقد شدد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، الخميس، على ضرورة الحياد، مطالباً لبنان باحترام سياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة.

كما أكد أن الأزمة الاقتصادية والمعيشية والسياسية في لبنان لها تداعيات وخيمة على اللبنانيين.

وأشار إلى أن مطالب المتظاهرين بالتغيير والشفافية والمحاسبة لم تلقَ آذانا صاغية حتى الآن.

رسائل في كل الاتجاهات

وكان مصدر فرنسي رسمي أكد للعربية، مساء الأربعاء، أن الضيف الفرنسي سيحمل رسالتين إلى الداخل اللبناني، ورسالتين إلى أصدقاء لبنان في مجموعة الدعم الدولية: للداخل سيحمل "رسالة حزم تجاه السلطات اللبنانية والمسؤولين السياسيين"، مؤكداً من جديد أن "لا مساعدات من دون إصلاحات.. بعد أن مرّت ستة أشهر من دون أن تقوم الحكومة اللبنانية بأي إصلاحات جوهرية"، والرسالة الأخرى للداخل هي "للتضامن مع الشعب اللبناني من خلال دعم المدارس الفرنكوفونية".

وفي هذا المجال قال المصدر الرسمي في باريس، إن الخارجية الفرنسية ستعلن عن مساعدات مالية للمدارس المذكورة على أن يعلن الرئيس إيمانويل ماكرون "خطة شاملة ومحددة" بشأنها لاحقاً.

لبنان ليس قضية خاسرة

أما الرسالتان اللتان ستوجههما زيارة لو دريان إلى الخارج، أي إلى أصدقاء لبنان العرب والدوليين فهُما، أولاً: لا تعتبروا لبنان قضية خاسرة ولا يجب وضع علامة شطب عليه، لأن ذلك سيعني ترك الساحة لآخرين، ولكن في المقابل، وهذه هي الرسالة الثانية للخارج: لا يجب إعطاء شيكات على بياض للبنان قبل بدء الإصلاحات.

حياد لبنان وموقف البطريرك

وعن مواقف البطريرك الماروني الداعية إلى حياد لبنان، قال المصدر إن هذا الحياد "هو ما كنا ندافع عنه منذ وقت طويل"، موضحاً أن الوزير الفرنسي "سيؤكد للبطريرك تقدير فرنسا لهذه المواقف المهمة".

وكان لو دريان التقى، الخميس، مسؤولين لبنانيين في زيارة تستمر يومين، هي الأولى التي يجريها مسؤول أجنبي رفيع منذ أشهر إلى البلد الذي يأمل في التوصل إلى خطة إنقاذ دولية تنقذه من دوامة الانهيار الاقتصادي.

واستقبل الرئيس اللبناني ميشال عون لو دريان صباحاً في القصر الرئاسي في بعبدا شرق بيروت. كما التقى لاحقاً رئيس الحكومة حسان دياب بحضور وزير المالية غازي وزني، ثم رئيس مجلس النواب نبيه بري.

وتأتي زيارة لو دريان في وقت يشهد لبنان الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخه الحديث، لم توفر تداعياته أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب بتآكل القدرة الشرائية للمواطنين.

وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، وبات نصف اللبنانيين تقريباً يعيشون تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 في المئة.

"ساعدونا لنساعدكم"

وفي وقت سابق هذا الشهر، أعرب لو دريان عن "قلقه البالغ" حيال عدم تحقيق بيروت أي تقدّم في عملية الإصلاح. وقال "على السلطات اللبنانية أن تستعيد زمام الأمور. نحن حقاً مستعدّون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم".