+A
A-

طالبة تمريض متطوعة لمكافحة "كورونا": سأروي ما أفعله الآن لأحفادي في المستقبل

مع الإعلان عن جائحة كوفيد-19 في مارس 2020، كان لا بد من تغيير جميع أنشطتنا الروتينية الطبيعية تقريباً واتباع نمط حياة جديد للتكيف مع الوضع الحالي للصحة العامة. أوصت منظمة الصحة العالمية البلدان باتخاذ إجراءات فورية لتشجيع التباعد الاجتماعي، والحفاظ على غسيل اليدين بالصابون والماء، وممارسة آداب السعال والإبلاغ الفوري عن أي أعراض محتملة لفيروس كورونا مثل السعال أو ارتفاع درجة الحرارة إلى المتخصصين في الرعاية الصحية. سعت البلدان جاهدة إلى اتخاذ تدابير جادة للسيطرة على الكارثة، وبالتالي كان امتثال المواطن وتفهمه وتعاونه أمر ضروري للغاية.

دعت بلدي البحرين الى التطوع للمساعدة في دعم الجهود في جميع المجالات للحد من المرض، حيث كانت أعداد الحالات في تزايد، ولكن لحسن الحظ في الوقت الحالي، جميع مرضانا تقريبا في حالة مستقرة. وبالنسبة لي، بصفتي طالبة تمريض، كانت هذه فرصتي لممارسة ما تعلمته في دراستي، وكنت حريصة جداً على اكتساب هذه الخبرة الاستثنائية. سأتحدث لكم في هذه المدونة عن عملي في الخطوط الأمامية لمواجهة كوفيد-19 من خلال الإجابة على بعض الأسئلة الأكثر شيوعاً منذ بداية تطوعي.

لماذا قمتِ بالتطوع وكيف كان رد فعل عائلتك على قرارك؟

تطوعت لعدة أسباب أولها أن بلدي يحتاجني، وهذا أقل ما يمكنني فعله لدعم مجتمعي. بصفتنا طلاب تمريض في جامعة البحرين الطبية (RCSI البحرين) فإننا نقوم بالكثير من الأنشطة المجتمعية بشكل عام من خلال العديد من الفعاليات التعليمية العامة أو عبر مثلا وحدة السكري المتنقلة. من المهم بالنسبة لي أن أستخدم مهارات التمريض في مساعدة الآخرين حيث يمكنك إحداث فرق حقيقي في حياة شخص ما. والسبب الثاني هو أنني بدأت أشعر بالإحباط من البقاء في المنزل طوال الوقت، على الرغم من أن هذا أكثر أماناً، لأنني أحب الحركة والنشاط. كنت بحاجة إلى شيء للحفاظ على نشاطي واستخدام طاقتي. أخيراً، التمريض هو مهنتي المستقبلية وشغفي، لذلك سأكون دائماً على استعداد لرعاية المرضى عندما يحتاجون إلي. أما بالنسبة لعائلتي، فقد كانت والدتي خائفة جداً، ولكن عندما رأت مدى دعم والدي، دعمتني هي أيضاً.

كيف تحافظين على صحتك وسلامتك خلال هذه الفترة العصيبة؟

أحاول الحفاظ على سلامتي الجسدية والعقلية أيضاً، فكلاهما مكمل للآخر. أنظر دائماً إلى الجانب المشرق في كل شيء. أعرف أن هذه الفترة قد تكون مرهقة حقاً، ولكن بالنسبة لي، وجدت أنه بالإمكان استثمار الوقت في القيام بأشياء مفيدة بدلاً من الشعور بالاكتئاب. لقد قمت بكثير من الأشياء التي لم أتمكن من القيام بها من قبل، لأنني كنت مشغولة في الجامعة وغيرها من الأشياء، وهذه إحدى مزايا الحجر الصحي. لقد أنهيت دراستي للامتحانات النهائية، وقمت بتزيين غرفة نومي وشاهدت العديد من الأفلام التي أردت مشاهدتها منذ وقت طويل.

هل لديك أي نصائح حول كيفية الحفاظ على الصحة والسلامة أثناء الجائحة؟

بحسب ما أقوم به في هذه الفترة، فإن أكثر الأشياء المفيدة للحفاظ على صحة جيدة برأيي هي:

ممارسة الرياضة يومياً لمدة 60 دقيقة على الأقل وهو ما توصي به منظمة الصحة العالمية (منظمة الصحة العالمية، 2018)، أنا شخصيا أستمتع بممارسة اليوغا.

اتباع نظام غذائي متوازن بشكل عام، لكن لا بأس بالاستمتاع بالقليل من الوجبات غير الصحية خلال نظامك الغذائي الصحي الصارم مثل تناول الوجبات السريعة مرة واحدة في الأسبوع أو الاستمتاع بالحلوى التي تحفزك على الاستمرار في تناول الطعام الصحي وتغيير الروتين قليلاً .استمع إلى الأغاني المرحة أو البودكاست الذي يجذب اهتمامك.

اقضِ بعض الوقت مع أحبائك، بسبب التباعد الاجتماعي، ليس من الضروري أن تكون معهم شخصياً، فقط اتصل بهم!

جرب أشياء جديدة لم تفعلها من قبل.

احصل على قسط كافٍ من النوم واشرب كميات كبيرة من الماء

أين تعملين، وكيف وضع العمل هناك؟

أنا الآن في البحرين حيث أتطوع كطالبة تمريض في مركز البحرين الدولي للمعارض والمؤتمرات في المنامة. جهزت وزارة الصحة مركز المعارض ليكون مركز فحص كوفيد-19. في البداية، كنت أعتقد أن الأمر سيكون مثلما كنا نراه في الأفلام عندما ينتشر مرض جديد ويتحول الناس إلى زومبي. الحياة الحقيقية بعيدة كل البعد عن ذلك. المكان بأكمله وعملية الفحص على قد عالٍ من التنظيم والمهنية، ونعمل بشكل جيد كفريق واحد. يعمل مركز الفحص على توفير الفحوصات للأشخاص الذين يشتبهون بإصابتهم بكوفيد-19، سواء كانت لديهم أعراض أم لا، وسواء كانوا على اتصال مع مريض كانت حالته إيجابية أم لا. إنهم فقط يتصلون برقم 444 ويحصلون على موعد.

تبدأ العملية عند وصول الناس حيث يعمل الممرضون والأطباء معاً لضمان السير السلس للفحص والحصول على النتيجة أثناء الإقامة في غرفة معقمة مجهزة بجميع الاحتياجات اللازمة لضمان إقامة مريحة للشخص القادم للفحص. الهدف هو تقديم النتائج في أسرع وقت ممكن لتجنب نشر العدوى. يتم إدارة القادمين للفحص بشكل جيد هناك، رغم أنهم قد يأتون وهم يشعرون بالتوتر والخوف من إصابتهم أثناء انتظارهم أو القلق من التقاط عدوى فيروس كورونا وهم في الانتظار. وهنا يأتي دور الممرضين حيث نقضي الكثير من الوقت بشكل أساسي في طمأنة المرضى وتهدئتهم، وتخفيف مخاوفهم من خلال توضيح كيفية إدارة المكان والإجابة على أسئلتهم بطريقة يفهمونها وتشعرهم بالاطمئنان.

وبفضل ذلك، تمكن فريقنا من فحص أكبر عدد ممكن من الأشخاص كل يوم. وبلغ عدد الفحوصات 124,591 فحصاً و هو في ازديادوهذا يوضح كيف تتميز بلادنا بين الدول الأخرى.

(Be Aware Bahrain,2020) هو تطبيق مجتمع واعي ومجاني تم تطويره من قبل وزارة الصحة. إنه يعمل عن طريق الكشف عن موقع مستخدميه، وتحذيرهم عندما يكونون في منطقة ثبت فيها إصابة شخص ما بكوفيد-19. كما يمكن للمستخدمين عرض نتيجة الفحص الخاصة بهم. ويوفر التطبيق معلومات محدثة عن وضع الحالات في البلد والإحصاءات العالمية أيضاً.

هل تشعرين شخصياً بالقلق من العمل في مركز الفحص؟

نعم، أشعر بالقلق من احتمال إصابتي بفيروس كورونا، لكنني أكثر قلقاً على عائلتي. لقد اعتنيت مسبقاً بالمرضى الذين يعانون من أمراض معدية عدة مرات أثناء فترة التدريب على العمل السريري، لذلك أعرف كيف أحمي نفسي بشكل صحيح باستخدام معدات الوقاية الشخصية وإجراءات التعقيم، مما يبعث على الاطمئنان بشكل أساسي. إن معدات الوقاية الشخصية الكاملة متاحة من قِبل  وزارة الصحة للفريق والمتطوعين للاستخدام في كل منطقة، وتقنيات التعقيم إلزامية، ويتم إجراء فحص أسبوعي لكوفيد-19 لجميع العاملين في المركز.

هل يمكنكِ وصف عملية الفحص؟

إنه إجراء سريع وسلس، لا يستغرق أكثر من 5-7 دقائق. يشرح الطبيب والممرضة الإجراءات التي سيقومون بها بعد ذلك يطلبون من المريض الاسترخاء، ورفع رأسه قليلاً ثم يقومون بإدخال عينة المسح ويحركونها قليلاً في فتحتي الأنف، ثم يقومون بإخراجها.

قد يكون الفحص غير مريح قليلاً.

يتم بعد ذلك نقل عينات المسح بواسطة سائقين مؤهلين إلى مختبرات البحرين للصحة العامة. في هذه الأثناء، يُطلب من الذين يتم فحصهم الانتظار في غرفة محددة حتى تظهر النتيجة وبعد ذلك يقرر الأطباء ما إذا كان بإمكانهم الذهاب والبقاء في الحجر المنزلي أو نقلهم إلى أحد المحاجر الصحية التي وضعتها وزارة الصحة لعلاج المصابين بكوفيد-19 في سترة والحِد للحصول على العلاج المناسب.

ما هي نصيحتك لأي شخص يحتاج إلى إجراء الفحص؟

نصيحتي له هي اتباع تعليمات الطبيب، والحفاظ على الهدوء والاسترخاء أثناء الفحص رغم أنه قد يكون غير مريح. لا داعي للذعر، فاحتمال أن تكون النتيجة سلبية كبير. إن الجزء الأصعب يكمن في الانتظار. سيتم تقديم الدعم النفسي لك دائماً عندما تحتاج إليه، ما عليك سوى التحدث إلى الممرضين والأطباء حول أي مخاوف أخرى لديك. إذا كنت مصاباً بفيروس كورونا، فسوف يشرح لك الممرضون والأطباء بوضوح إجراءات الحجر الصحي. من المهم أن تدرك جيداً أنه وعلى الرغم من أننا نرتدي معدات وقاية شخصية قد يكون شكلها مخيف، إلا أننا بشر مثلك، فلا يوجد خلف هذه المعدات سوى ممرضين داعمين متعاطفين، وسنكون معك في كل خطوة على الطريق.

ما هو دورك كمتطوعة وماذا تعلمت منه؟

أعمل في مجالات مختلفة هناك، لذلك يعتمد عملي على المجال الذي أعمل فيه في ذلك اليوم. علمني كل مجال الكثير من الأشياء الجديدة حول كوفيد-19 وما الذي تفعله الممرضة المؤهلة. على سبيل المثال، تعلمت المزيد حول العمل تحت الضغط، والعمل مع أشخاص مختلفين كل يوم والتعامل مع شخصياتهم المختلفة. و فوق ذلك، تعلمت المزيد عن كيفية تهدئة المرضى والتعامل مع الجميع الحالات المزاجية. وتعلمت أيضاً المزيد عن اختلاف أعراض المرض من مريض لآخر.

الموظفون هناك أيضا متعاونون جداً، وهو ما يساهم في تعلمي، ولهذا السبب، أحب الذهاب إلى هناك كل يوم.

ما أهمية التطوع بالنسبة لك وكيف أثر على حياتك؟

الشيء الأكثر إثارة للاهتمام الذي حصلت عليه من العمل التطوعي هو فرصة التعرف على مثل هؤلاء الأشخاص المذهلين وتكوين صداقات معهم، وتعلم العديد من الأشياء التي تهيأني بشكل أفضل لمسيرتي المهنية المستقبلية، وبناء الذكريات لأقول لأطفالي وأطفالهم بفخر في المستقبل بأنني قمت بمثل هذه الأشياء.

بقلم: مريم بوجندل      

طالبة في العام الثالث من كلية التمريض في جامعة البحرين الطبية -RCSI Bahrain