العدد 4213
الإثنين 27 أبريل 2020
banner
غير جديرين بالنجاح أمام امتحان الحياة
الإثنين 27 أبريل 2020

تابعت برنامجا في إحدى القنوات يتحدث عن نفسية الفرد الأوروبي إزاء أزمة كورونا، وأكثر الضيوف كانوا من الكتاب والمثقفين، جميعهم كانوا يبعثرون الكلمات وألسنتهم مصلبة في أفواههم، والخوف والقلق يلف أجسادهم وكأنهم جثث صفراء تطفوا على البحر. كان التحلل والتشاؤم هو المسيطر، حيث يرون أن المستقبل مريض ولن تعود الحياة إلى مجتمعاتهم كما كانت، وهذا الخوف والقلق الغربي نعرفه جيدا من خلال قراءتنا لكثير من الأدباء الأوروبيين، فالفكر الأوروبي يبين أن الإنسان وحيد في الوجود، وأن حياته عبث لا طائل من ورائها، فخير ما يمكن أن يصنعه الإنسان أن يموت، حتى أن الكاتب الفرنسي “أندريه مالرو” كتب في إحدى رواياته “يستطيع الإنسان أن يجد الرعب في أعماق نفسه دائما، وكل ما يحتاجه هو أن ينظر عميقا”.

نفسية الإنسان الغربي مكشوفة، خصوصا وقت المحن، الرعب صفته الأولى ومنها يتفرع القلق والتشاؤم، وحتى الجريمة، ومن هذه الصفة أيضا تنبع معاداة المجتمع واحتقار نظمه، الفرد الغربي يحتقر الأخلاق فيسخر في كتبه من الرحمة والصدق والعفة والشرف سخرية وقحة نستنكرها نحن العرب كل استنكار، ويزيد الغربي فيزدري الوطنية ويضحك من الإخلاص للمجتمع ويستخف بفكرة الأسرة والعائلة.

نعم، اطلعنا على الفكر الغربي وأعجبنا ببعض كتابهم والتهمنا قصصهم ورواياتهم، لكننا نختلف معهم في نظرتنا إلى الحياة وتحليلنا الأمور والوقائع والأحداث، نختلف معهم في الأخلاق والمثل وكل ما يتناقض مع مبادئنا وتقاليدنا وتربيتنا ونتفق معهم في المقدرة الذهنية والأساليب الأدبية والبلاغة والصور الجمالية. أحد ضيوف البرنامج كان طبيبا نفسيا وله العديد من المؤلفات كما فهمنا، كان يسخر من “تعاون الدول في مواجهة كورونا”، وعلل فكرته السوداء بأن العالم كله أصبح لا يعرف ما يضره وينفعه، لهذا فهو الآن يعيش الظلام والتخبط، وصحافي عجوز قالها دون تردد “إنها نهاية العالم” وهلاك الإنسانية وشيك.

هكذا هو الفرد الأوروبي... جعل من نفسه فريسة سهلة لمخالب القلق والتشاؤم، وإنه غير جدير بالنجاح أمام امتحان الحياة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية