+A
A-

الثقافة تعلن نتائج آخر أعمال التنقيب الأثرية في البحرين خلال مؤتمر صحفي عبر الإنترنت

أثمرت أعمال التنقيبات الأثرية المستمرة في مملكة البحرين خلال موسم التنقيب 2019م – 2020م عن العديد من الاكتشافات الجديدة التي وسّعت آفاق فهم تاريخ المملكة الممتد لآلاف السنين، حيث أعلنت هيئة البحرين للثقافة والآثار خلال مؤتمر صحفي بثّته عبر الإنترنت اليوم السبت الموافق 18 أبريل 2020م عن نتائج هذه الأعمال والجهود التنقيبية التي تمّت بالتعاون مع عدد من بعثات التنقيب الدولية اليابانية، البريطانية، الدنماركية والفرنسية. وقدّم المؤتمر الصحفي كل من معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار والشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة مدير إدارة المتاحف والآثار بهيئة الثقافة.

ويأتي بث هذا المؤتمر الصحفي بالتزامن مع اليوم العالمي للمواقع الأُثرية والذي يوافق 18 أبريل من كل عام، حيث كان المجلس الدولي للآثار والمواقع (ICOMOS) قد تقدّم بطلب تعيين هذا اليوم عام 1982م وأقره الاجتماع العام لليونسكو عام 1983م.

ويمكن مشاهدة المؤتمر الصحفي على مختلف المنصات الإلكترونية لهيئة البحرين للثقافة والآثار كموقع يوتيوب وتطبيق انستغرام تحت اسم (Culturebah).

واستهلت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة المؤتمر الصحفي بكلمة أكدت فيها على أهمية الثقافة في ظل الأزمات وضرورة إلقاء الضوء على الماضي العريق للشعوب والاحتفال به. وقالت معاليها: "اعتدنا أن نلتقي بكم كل عام لنحتفل باليوم العالمي للآثار والمواقع، هذا العام مختلف لذلك لقاؤنا معكم عن بعد". وأضافت معاليها: "نلتقي اليوم لنحتفل مع العالم أجمع عبر هذه المنصات التي أتاحت لنا وسيلة للتواصل مع كل طبقة مع جميع الأصدقاء والمهتمين وجميع من يتابعون معنا هذا اليوم ونحن في مملكة البحرين دائما نعتز أن ثروتنا الحقيقة هي آثارنا الممتدة إلى حقب مختلفة".

وحول آخر المكتشفات الأثرية لأعمال التنقيب في مملكة البحرين، قالت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة إن أحد أكثر الاكتشفات أهمية لهذا العام هو ما يعتقد أنه دليل على "حديقة دلمونية". وأوضحت أن هذا الاكتشاف يتماشى مع ما يتم تداوله من أساطير بأن دلمون "جنة مفقودة" ومع النظريات التي تطرح بشكل علمي تميز دلمون بالخضرة والزرع ومياه الينابيع الوفيرة، مشيرة إلى أن الدراسات القادمة ستؤكد ما اكتشفه المنقبون حول هذه الفترة من تاريخ مملكة البحرين.

ونوّهت معاليها إلى أن اكتشافاً أثرياً هاماً آخراً هذا العام تم التنقيب عنه في منطقة سماهيج في المحرّق، حيث تم الكشف عن مبنى يعود إلى القرن السابع الميلادي، مضيفة معاليها: "ربما يكون ديراً أو كنسية، كانت سماهيج مركزاً للمسيحية قبل وبعد ظهور الإسلام، ومن هنا نستدل على التاريخ الطويل للتسامح الديني الذي تتمع به مملكة البحرين".

وتابعت معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة قولها أن هناك الكثير من المكتشفات الجديدة، موضحة أنها المرة الأولى التي يقوم فيها الفريق الدنماركي بأعمال تنقيب أثرية في موقع قلعة البحرين منذ عام 1978م في محاولة لاماطة اللثام عن بقايا أثرية لم يتم كشفها مسبقاً، إضافة إلى كشوفات أثرية في منطقة مقابة والتي أثمرت الكشف عن مدافن من فترة تايلوس (حوالي القرن الأول إلى الثاني قبل الميلاد) ومن فترة دلمون المبكرة (الألفية الثانية قبل الميلاد) إضافة إلى بقايا مسجد ومقبرة.

وأوضحت معاليها أنه لا شك بأن الدراسات والتفاسير لنتائج التنقيبات الأثرية الأخيرة ستكون مساعدة لفهم تاريخ البحرين القديمة وشعبها ودليلا واضحًا على ثراء وتنوع الثقافة المحلية، وقالت: "ولكن قبل كل شيء، يشكل هذا التراث جوهر هويتنا الثقافية ومن المهم جدًا أن نحميها ونحتفل بها ونشاركها مع العالم".

وجاءت المكتشفات الأثرية التي تم استعراضها خلال المؤتمر الصحفي ضمن عدة مشاريع  تنوعت ما بين التنقيب والصون والتوثيق وعملت عليها فرق مختلفة. ففي مجال التنقيب تم إلقاء الضوء على مشروع التنقيب في منطقة سماهيج في المحرّق والذي عمل عليه فريق بريطاني-بحريني برئاسة البروفيسور تيموثي انسول من جامعة إكستير بالمملكة المتحدة، مشروع التنقيب في مزرعة جمعة الواقعة في منطقة مقابة وعمل عليه فريق من هيئة البحرين للثقافة والآثار، مشروع تنقيب جامع المهزع بوسط مدينة المنامة من قبل فريق من هيئة الثقافة، مشروع تنقيبات موقع تلال مقابة من قبل فريق ياباني من معهد كاشيهارا للآثار ومشروع تنقيبات موقع وادي السيل من قبل الفريق الياباني للآثار برئاسة الدكتور ماساشي أبيه. أما بالنسبة لمشاريع الصون والتوثيق فتضمنت مشروع توثيق معابد باربار الذي عمل عليه فريق جامعة كانساي اليابانية ومشروع توثيق ورسم خرائط تلال مدافن دلمون الذي تعاونت فيه هيئة الثقافة مع الفريق الياباني برئاسة الدكتور أكينوري.

سماهيج.. مهد التسامح الديني في البحرين وأول دليل على الوجود المسيحي

الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة تطرق خلال حديثه في المؤتمر بداية إلى ما قام به الفريق البريطاني – البحريني من مركز الآثار الاسلامية بجامعة اكسيتر بالمملكة المتحدة وهيئة البحرين للثقافة والآثار بأعمال تنقيب في موقعين بالمحرق لهذا العام، وذلك برئاسة البروفيسور تيموثي انسول، مشيراً على أن الموقع الأول يتواجد بمدينة المحرق القديمة وقد أظهرت نتائج التنقيب وجود بقايا لاستيطان يعود للفترة الإسلامية المبكرة، حوالي القرن الثامن الميلادي والفترة المتأخرة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلادي.

واستكمل الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة حديثه حول أعمال التنقيب في المحرّق، موضحاً أن الموقع الثاني يقع على تل مسجد الشيخ مالك بمقبرة سماهيج. وأشار إلى أن العمل في الموقع تمت مباشرته بناء على طلب من قبل أهالي سماهيج والأوقاف الجعفرية لاستكشاف بقايا مسجد قديم يعرف باسم مسجد الشيخ مالك؛ وذلك بهدف بحث إمكانية ترميمه او إعادة بناءه. واستطرد قائلاً إن نتائج التنقيب أدت إلى استيضاح معالم وجدران المسجد الذي تبين أنه يتكون من غرفة الصلاة والفناء المكشوف، إلا أن أعمال التنقيب كشفت وجود جدار أسفل جدار القبلة يعود لبناء آخر أقدم من المسجد ويوجد به انحراف عن اتجاه القبلة. وخلال آخر مراحل مشروع التنقيب نهاية العام الماضي، اتضح وجود بقايا مبنيين، المتأخر عبارة عن مسجد يعود بحسب رواية الأهالي إلى القرن السابع عشر الميلادي. والمبنى المبكّر عبارة عن مبنى كبير تبلغ أطواله 17 م × 10 م ، وارتفاع بقايا جدرانه تصل الى 110 سم،  والذي ربما كان جزءًا من دير أو منزل كبير أو كنيسة. وبناء على دراسة الفخار المكتشف في الموقع، بواسطة البروفيسور روبرت كارتر، تبين أن تاريخه يعود إلى القرن السابع الميلادي ومن المحتمل أن يكون المبنى مشغولًاً ومأهولاً في القرن السابع الميلادي قبل اعتناق أهالي هذه المنطقة للإسلام. ويتكون المبنى من عدة غرف مزينة بالجص المنحوت او المزخرف، حيث عُثر على قطعة حجرية تالفة عليها نقش صليب. فيما تم العثور على صليب آخر ملون على كسرة وعاء فخاري مزجج. وتشير المكتشفات الأثرية في الموقع إلى أنه من المحتمل أن هؤلاء المسيحيين كانوا جزءًا من الكنيسة النسطورية التي ازدهرت في الخليج على الأرجح بين القرنين الخامس والسابع الميلادي. وأكد الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة أن الفريق يأمل في مواصل العمل على الموقع لمعرفة المزيد من تفاصيل البناء وبالتالي تحديد وظيفته بشكل أدق، موضحاً كذلك أنه من المؤمل أيضا اختيار بعض المناطق في قرية الدير وقلالي لتنفيذ اعمال تنقيب فيها للحصول على المزيد من البقايا الأثرية والمعلومات المتعلقة بالفترة المسيحية في البحرين وفترة التحول إلى الإسلام.

مزرعة جمعة في منطقة مقابة.. دلالات أولية على جنّة دلمون المفقودة

وحول مشروع التنقيب في مزرعة جمعة الواقعة في منطقة مقابة، قال الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة إن الموقع يتكون من ثلاثة عناصر أساسية هي تلة تايلوس، الجامع والمقبرة والمناطق الصخرية.

وأشار إلى أنه وللمرة الأولى في مملكة البحرين يتم العثور على مزرعة أو "حديقة دلمونية"، وجدت أسفل تلة تايلوس. وتتكون هذه الحديقة من أحواض مربعة تتصل ببعضها البعض بواسطة مجار ضيقة لنقل المياه ويبلغ عددها 335 حوضاً، وقد تم أخذ عينات من تربة الأحواض لمعرفة نوعية النباتات التي كانت تزرع في هذه الأحواض.

أما في التلة التي تضم مدفناً من فترة تايلوس، فتم العثور على 16 قبراً مبنية بالحجارة والجص فوق سطح الأرض بمستويات مختلفة، كما عثر على جرتين دفن صغيرتين استخدمت لدفن الأطفال. وما يميز هذا التل عن غيره من التلال المشابهة له هو اكتشاف خمسة هياكل عظمية تعود لفترة دلمون في وضعية القرفصاء أسفل مستوى قبور فترة تايلوس، حيث كان من المعتاد العثور على الهياكل العظمية لموتى دلمون في غرف دفن مبنية فوق سطح الأرض أو تحتها فيما يعرف بتلال المدافن، التي تنتشر في مناطق مختلفة من البحرين، أما وجود هذه الهياكل ملقية دون غرفة دفن أو تابوت، فيحتمل العديد من التفسيرات التي يعمل على دراستها الباحثون حالياً.

وضمن جهود فريق العمل للحفاظ على الهياكل العظمية بغرض دراستها وعرضها بشكل لائق قام الفريق بمعالجة وتقوية أحد هذه الهياكل العظمية ونقله سليما الى متحف البحرين الوطني.

أما جامع ومقبرة موقع التنقيب، فأشار الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة إلى احتمالية أنها تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي، وقد عثر على بقايا قنوات مائية محفورة في الصخر مع بعض الجدران الحجرية، موضحاً أن هذا الجامع والمقبرة ربما يعودان إلى قرية قديمة مندثرة تعرف بــ " الرويس".

مشروع تنقيب مسجد المهزع.. كشف أصول أقدم مساجد العاصمة المنامة

مؤتمر هيئة البحرين للثقافة والآثار الصحفي تطرق إلى هذا المشروع، حيث أشار الشيخ خليفة بن أحمد إلى أن أعمال التنقيب بدأت بناء على توجيهات من معالي رئيسة الهيئة، حيث تم العثور على جدارين لأساسات قديمة بحالة جيدة وأرضية جصية وبعض الكسر الفخارية مختلفة الأحجام، قطع زجاجية ومجموعة من عظام حيوان.

وقد تبين أن البناء الحالي للمسجد يقع على تلة مرتفعة تتكون من بقايا مواد بناء المسجد القديم الذي تم بناؤه في الأصل عام 1861م. وعلى ضوء ما تم العثور عليه، فقد تقرر وقف العمل بسبب خطورة تساقط أجزاء من المسجد نتيجة الحفر بالقرب من جدران وأساسات المبنى. ومن المؤمل أن يتم البدء بتنفيذ مشروع تنقيب كامل في المستقبل القريب لاستيضاح جميع معالم بقايا جدران المسجد القديم.

بعثات التنقيب اليابانية تكشف أسرار حضارتي تايلوس ودلمون في مقابة ووادي السيل

كشف الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة خلال المؤتمر الصحفي أن الفريق الياباني من معهد كاشيهارا للآثار بمقاطعة نارا نفذ نهاية العام الماضي موسم التنقيب الثالث في موقع تلال مقابلة العائدة إلى فترة تايلوس، حيث هدفت أعمال التنقيب إلى الكشف عن وجود التأثيرات التدمرية " تدمر – سوريا" في البحرين، حيث كانت المملكة واحدة من النقاط الرئيسية لطرق التجارة بين الهند وتدمر خلال فترة تايلوس.

وقد أثمرت أعمال التنقيب التي شملت أربعة مدافن عن عدد من الاكتشافات، أولها مدفن سليم عثر فيه على آنية فخارية مزججة وبداخلها رماد. كما عثر بداخله على هيكل عظمي بشري برفقته أغراض دفن (أثاث جنائزي) شملت عملة برونزية مربعة الشكل بداخل فمه، بينما يحمل في يده اليسرى كيساً من الجلد بداخله 10 عملات برونزية، وهذه أول مرة يتم العثور على عملات معدنية في كيس بيد المدفون. أما الاكتشاف الثاني فهو العثور في مدفن آخر على حوض ماء جصي بداخل القبر وذلك لتقديم الماء للميت، كما عثر أيضا فوق الغطاء الحجري لهذا المدفن على طاسة" آنية" فخارية مزججة تعود للفترة من 50 ق.م إلى 50 م. أما ثالث الاكتشافات فهو الاستدلال على العادات الجنائزية الشائعة في فترة تايلوس من خلال العثور المتكرر على الأواني المزججة على الأغطية الحجرية في أكثر من مدفن.

وفي رابع الاكتشافات الخاصة بهذا الموقع، فتم العثور على 10 محارات لؤلؤ كأغراض جنائزية مع طفل ميت في مدفن في الموقع، حيث يشير ذلك إلى أن محار اللؤلؤ كان مادة جنائزية مهمة للأطفال في فترة تايلوس، وهو ما يساهم في فهم الممارسات الجنائزية للأطفال في تلك الفترة بشكل أفضل.

وعلى جانب آخر، قال الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة إن الفريق الياباني للآثار برئاسة الدكتور ماساشي أبيه نفّذ أعمال التنقيب الأثرية لعدد من تلال المدافن الدلمونية المبكرة بموقع وادي السيل، حيث قام الفريق باستكشاف تسع تلال دلمونية صغيرة من النوع المبكر. وقد عثر الفريق أثناء التنقيب على عدد من بقايا هياكل عظمية بشرية، بالإضافة إلى العثور على عدد من بقايا عظام حيوانات، والتي ما زالت تحت الدارسة.

ومن بين ما تم العثور عليه أيضاً جرار تعود لحضارة أم النار في شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين، حيث تدل هذه المكتشفات على العلاقات التجارية والثقافية ما بين دلمون وتلك الحضارات. كذلك أظهرت جهود التنقيب أن بعض القبور كانت تضم أشكالاً من الخرز المشغول من العقيق والفخار. وفي إحدى القبور تم العثور على صدفتين يوجد بالقرب منهما قطعتان من "الملاكايت"  وهي مادة خضراء اللون لربما استخدمت لأغراض الزينة.

مشروع توثيق معابد باربار وتلال مدافن دلمون

أشار الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة خلال المؤتمر الصحفي أيضاً إلى أن فريقاً يابانياً من جامعة كانساي قام خلال شهر ديسمبر الماضي باستكمال أعمال توثيق موقع معابد باربار التي بدأها عام 2016م. وقد ترأس الفريق البروفيسور ياسومورو يوشيهورو، حيث تأتي هذه المهمة العلمية بدعم مالي من مؤسسة أوكاوا للمعلومات والاتصالات.

وهدفت هذه العملية إلى تقديم طرق مستدامة وشاملة لحفظ واستخدام المواقع الأثرية بالتطبيق على موقع معابد باربار، وذلك من خلال إجراء مسح وتوثيق للوضع الحالي لمكونات الموقع بملاحظات التغيرات الزمنية للموقع بعد التنقيبات السابقة، إضافة إلى اجراء مسح بيئي لمحيط الموقع، دراسة وتحليل الأحجار المستخدمة في بناء المعبد، فحص جودته وقوته وتوثيق مظاهر التدهور والتلف على الأحجار. وفي النهاية توثيق مكونات الموقع باستخدام تقنيات ثلاثية الأبعاد عن طريق جهاز المسح بالليزر والتصوير بطائرة بدون طيار. ولمعرفة مدى التدهور الحاصل لمكونات وعناصر الموقع اعتمد الفريق بشكل اساسي على انتاج صور ثلاثية الأبعاد لعناصر الموقع ومقارنتها بصور قديمة لهذه العناصر مأخوذة لها من قبل الفريق الدنماركي في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. وقد أظهرت نتائج المقارنة بين هذه الصور الى حدوث تغيرات كثيرة في عناصر الموقع من حيث طمر واختفاء بعض الاجزاء أو تحرك بعضها الأخر من مكانها الاصلي. وأوضح الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة أن معرفة ذلك يساعد في أعمال الصيانة والترميم للموقع مستقبلا. وإضافة إلى ذلك قام الفريق بتركيب أجهزة لقياس الحرارة والرطوبة في الموقع على مدى سنة كاملة لمعرفة التغيرات الدورية للحرارة والرطوبة وإمكانية تأثير هذه التغيرات على سلامة الموقع.

أما بالنسبة لمشروع توثيق ورسم خرائط تلال مدافن دلمون، فقال الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة إنه يهدف إلى توفير مجموعة بيانات شاملة لتلال المدافن في فترة دلمون المبكرة. فبينما تشير التقديرات إلى وجود أكثر من 80.000 تلة دفن في تلك الفترة، فإن أعمال التوسع العمراني الكبيرة والواسعة النطاق منذ الستينات و السبعينيات أدت الى تدمير العديد منها. وعلى الرغم من الجهود الهائلة التي بذلتها إدارة المتاحف والأثار بالتعاون مع العديد من علماء الآثار إلا ان هناك الكثير من الحقائق لم يتم الكشف عنها بشكل كامل، مثل البيانات الطبوغرافية، الأعداد الدقيقة لتلك المدفن، أنماط توزيعها والعلاقة بين تلال الدفن والتضاريس.

وأوضح أن عمليات الحفاظ قد ساهمت في صون عدد كبير من تلال الدفن في مواقع مختلفة كعالي، بوري سار، وادي السيل، كرزكان، المالكية وغيرها، مؤكداً أنه من المهم العمل على توثيق تلال المدافن التي لا تزال سليمة، وفحص ودراسة عناصرها الأساسية لإعادة بناء تلك المناظر الطبيعية القديمة للبحرين التي كانت تتميز بتلال المدافن ومجتمعات دلمون المبكرة.

ونوّه على أن هيئة البحرين للثقافة والآثار مع الفريق الياباني للآثار قامت بتنفيذ مشروع مدته خمس سنوات باسم (توثيق ورسم خرائط تلال مدافن دلمون). وسيتم خلال مدة المشروع تنفيذ سلسلة من المسوحات الطبوغرافية الشاملة في مدافن دلمون المبكرة باستخدام الطائرات بدون طيار (الدرون) وتقنية النمذجة ثلاثية الأبعاد لتوثيق تلال المدافن. وقد غطى الموسم الأول من هذا المشروع في يناير 2020 التلال الملكية في عالي وحقل تلال مدافن عالي الشرقي، حيث تم الحصول على العدد الدقيق لحقل تلال مدافن عالي الشرقي وهو 3890 تل.