+A
A-

قراءة في الإجراءات الصينية الناجحة للسيطرة على فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19"

كتب: د. ياسر طاهر 

"باحث بحريني وخبير في الشؤون الصينية والدولية بتلفزيون الصين الدولي مقيم في العاصمة الصينية بكين"

تقول الحكمة الصينية "مرّ الدواء أنجعه"، حيث يشتهر الطب الصيني التقليدي بكثرة الأعشاب الطبية المرة المذاق والتي أثبتت الخبرة الصينية في هذا المجال أنه كلما كان الدواء مراً كلما كان نافعا. قد لا يعترف البعض بنجاعة الطب الصيني التقليدي وأعشابه، لكن ذلك لاينفي استفادة الصينيين منذ القدم من طبهم التقليدي ومن حكمتهم العريقة.

البداية

في كانون الأول/ ديسمبر عام 2019 ، وفي مدينة ووهان الصينية حاضرة مقاطعة هوبي بوسط البلاد، تم تسجيل حالات مرضية غريبة ومتزايدة في مستشفى مدينة ووهان المركزي. كانت تغلب على تلك الحالات أعراض الحمى الشديدة والإعياء العام بالإضافة إلى نوبات شدية من السعال الجاف. لم يكن أحد من أفراد الطاقم الطبي في المستشفى يعرف نوع المرض بالتحديد، فتم التعامل معه على أنه نوع شديد من الانفلونزا الموسمية التي تتسب فيها مجموعة من الفيروسات المعروفة في عالم الطب. إلا أن أحد الأطباء الشباب في المستشفى ويدعى "لي ونليانغ" صرح بشكوكه في أن الحالات المرضية تشبه إلى حد كبير تلك التي يسببها فيروس "سارس" الذي انتشر في الصين ومناطق أخرى من العالم في نهاية عام 2002 واستمر لعام 2003 ونشر الهلع والرعب في جميع بقاع الأرض. 

الإنذار

لم ينثني الطبيب الشاب عن اعتقاده واستمر في التحذير من أن هناك فيروسا غامضا بدأ يفتك بالمرضى، كان يظنه فيروس السارس في البداية قبل أن يتم الكشف عنه أخيرا. كان لي ونليانغ مسؤولا عن عدد من المرضى الذين ظهرت عليهم أعراض المرض، وكان على اتصال وثيق بهم بحسب تخصصه كطبيب للعيون، حيث يقابلهم كل يوم وجها لوجه عن طريق أجهزة فحص العيون الطبية. 

سقط لي ونليانغ فريسة لأعراض المرض الجديد هو الآخر، ولم يعد قادرا على ممارسة عمله. وعلى الرغم من أن تحذيرات لي ونليانع توقفت، إلا أن ذلك لم يمنع المرض الغامض من الانتشار وتسجيل حالات أكثر، ومن زيادة الضغط على مستشفى ووهان المركزي والمستشفيات الأخرى في المدينة إلى أن أدركت ووهان حجم المشكلة الصحية التي تواجهها، حيث تم تصنيف الفيروس من قبل الجهات الطبية كفيروس جديد ومعدي ويتسبب بحمى شديدة والتهاب رئوي حاد.

في 31 ديسمبر 2019 تقدمت الحكومة الصينية بتقرير إلى منظمة الصحة العالمية يفيد باكتشاف فيروس غير معروف للجهات الطبية في الصين، وليس له أي سجل أو مثيل بين الفيروسات المعروفة عالميا. وفي اليوم التالي، وهو يوم رأس السنة الميلادية الجديدة 2020 قامت حكومة مدينة ووهان المحلية بإغلاق سوق هوانان للمأكولات البحرية في المدينة بسبب اكتشاف أن معظم حالات العدوى كانت لها علاقة بذلك السوق الذي كان يوفر أيضا مأكولات الصيد البري من مختلف أنواع الحيوانات. بعد خمسة أيام أكدت الجهات الطبية في الصين بأن الفيروس الجديد هو من عائلة الفيروسات التاجية والمعروفة طبيا باسم فيروسات "كورونا" والتي تصيب الجهاز التنفسي بشكل رئيسي، وأنه يختلف عن فيروس "سارس" المعروف. تبعتها بعد أيام قليلة بتحليل الحمض النووي للفيروس وتسليم النتائج لمنظمة الصحة العالمية في سباق مع الزمن تكاتفت فيه جميع الجهات المختصة في الصين وبتوجيه دقيق وصارم من الحكومة المركزية التي لم توفر جهدا في سبيل ذلك. كان عدد المصابين بالفيروس وبحسب التقارير الرسمية في ذلك الوقت قد وصل إلى 40 مصابا. وفي الحادي عشر من يناير أعلنت الجهات الصحية في ووهان عن وفاة أول شخص نتيجة لمضاعفات المرض وهو رجل من مرتادي سوق هوانان ويبلغ من العمر 61 عاما.

الإجراءات الصينية

بعد إغلاق سوق هوانان بدأت حكومة ووهان بتتبع جميع من كانت لهم صلة بالمصابين وبسوق هوانان للمأكولات البحرية وعرضهم جميعا للفحص الطبي، وكانت تلك أولى العمليات الماراثونية التي اتخذتها الصين في إحتواء الفيروس والمرض. لكن الفيروس "الشيطان" كما أطلق عليه الرئيس الصيني شي جينبينغ لاحقا كان سريع الانتشار بسبب قدرته الكبيرة على الانتقال من شخص لآخر وطول فترة قدرته على البقاء حيا خارج جسم الأنسان بالمقارنة مع الفيروسات الأخرى. بدأ المرض في الانتشار في جميع المناطق المحيطة بووهان في مقاطعة هوبي والمقاطعات المجاورة لها، وخلال شهر واحد كان الوباء قد انتشر في جميع مقاطعات الصين وحتى الدول المجاورة مثل اليابان وتايلاند وكوريا الجنوبية. فيما بعد أطلقت منظمة الصحة العالمية اسم كوفيد-19 (COVID-19) على المرض الذي يتسبب به فيروس كورونا الجديد وهو اختصار لعبارة (مرض فيروس كورونا 2019).

بدأت الصين بتنفيذ سياسة الاحتواء في جميع المناطق الموبوءة وأولها مقاطعة هوبي وعاصمتها ووهان. ودأبت الحكومة على حث جميع المواطنين والمقيمين بالمواظبة على غسل اليدين جيدا وباستمرار، ولبس الكمامات الواقية وتجنب أماكن الاختلاط والتجمعات. لكن الفيروس واصل انتشاره في جميع المناطق مثل النار في الهشيم وكأن الدنيا ذاهبة نحو الفناء. دب الخوف والذعر في نفوس جميع المواطنين والمقيمين، ووصل إلى أوجه في عشية رأس السنة الصينية الجديدة في 24 يناير 2020، حيث وجد الصينيون أنفسهم غير قادرين على الاحتفال بشكل طبيعي بعيدهم الكبير وهو عيد الربيع الصيني أهم الأعياد الصينية.

قد يبدو للوهلة الأولى أن الأمر ليس بتلك الأهمية لمن لا يعيش في الصين، فالعيد يحل كل عام، فإن لم يتمكن الأهالي من الاحتفال بالعيد هذا العام فسيحتفلون به في العام القادم. إلا أن الأمر كان أخطر من ذلك بكثير. فعيد الربيع الصيني يشهد أكبر عمليات الهجرة السنوية في العالم، حيث يغادر ملايين الصينيين المدن الكبيرة عائدين إلى ديارهم الأصلية لقضاء عطلة عيد الربيع السنوية والموحدة في الصين والاجتماع مع أهلهم وأقاربهم. وكان ذلك الأمر هو مصدر القلق الأول بالنسبة للحكومة الصينية، حيث ستسهم موجات الهجرة الكبيرة والاجتماعات الأسرية بلا شك في توسيع دائرة المرض وزيادة أعداد المصاببين به، ما قد يحوله إلى وباء فتاك يهلك الحرث والنسل ويدمر ثمار سنين طويلة من العمل والجهود التي حولت الصين من دولة نامية وفقيرة إلى أكبر دولة صناعية في العالم وثاني أكبر اقتصاد على وجه الأرض.

من أجل كبح الوباء ووقف قوته التدميرية على المجتمع والاقتصاد والدولة، لم يكن أمام الصين إلا العمل وفقا للمقولة الصينية الشهيرة "مرّ الدواء أنجعه". فلا يمكن القضاء على هذا الفيروس الشيطان إلا بالوحدة والحزم واصطفاف السلطة والشعب معا من أجل القضاء عليه واستئصاله من جذوره. سخرت الصين جميع قدراتها الإدارية والتكنولوجية والطبية والأمنية وحتى العسكرية في حرب أعلنتها ضرروسا على الفيروس. كانت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ونواتها الرئيس الصيني شي جينبينغ والحكومة المركزية في بكين يتصدرون الصفوف الأمامية للحرب، وكان الرئيس شي يصدر التعليمات والتوجيهات شخصيا لضمان النصر في المعركة الحاسمة ضد الفيروس. أما المواطنين والمقيمين في الصين فقد وضعوا أياديهم متحدة في يد الحزب والحكومة وامتثلوا لجميع التعليمات بعدم الخروج من المنازل إلا للضرورة القصوى وبمراعاة بعضهم البعض والالتزام الصارم بالتوجيهات الصادرة من السلطة دون تأخير أو تغيير، ولم تفرقهم في ذلك قومية أو دين أو مذهب أو طائفة. التزم الناس منازلهم، ومنحت المؤسسات الحكومية والخاصة والجهات التعليمية إجازة لجميع الموظفين والطلبة، وتعهدت الحكومة بتوفير جميع متطلبات الشعب في كافة المجالات الحياتية والصحية والأمنية. كانت تلك أكبر عملية جماعية في تاريخ البشرية، يقوم بها ما  يقرب من المليار ونصف من البشر في نفس الوقت وبنفس الهدف وفي وجه عدو مشترك هو "كورونا". جسدت تلك الوحدة قوة الصين ووحدة شعبها وعزمهما على تذليل كل الصعاب في سبيل تحقيق ذلك الهدف الوطني.

كان من الضروري وضمن سياسة الاحتواء وتجرع مر الدواء إغلاق بؤرة الوباء "ووهان"، وايقاف كافة التحركات منها وإليها. وعلى الرغم من صعوبة اتخاذ هذا القرار ومرارته على سكان مدينة ووهان وعلى الحكومة الصينية كذلك، فقد قررت الصين فرض الحجر الكامل على مدينة ووهان الذي انتشر الوباء فيها بشراسة أذاق فيها السكان والجهات الطبية الأمرين في سعيهم لاحتواء الحالات المرضية والتي تدفقت على المستشفيات كالسيل الجارف. حازت الحكومة الصينة على دعم المواطنين في ووهان وفي كل الصين على إجراءات إغلاق المدينة التي يقطنها أكثر من 11 مليون إنسان.

قامت الصين بتحقيق معجزة إعمارية تمثلث في بناء عدة مستشفيات مؤقته في ووهان خلال أيام معدودة كان أولها مستشفي هوشينشان والذي يتسع لألف سرير، وأعد خصيصا لاستقبال مرضى كوفيد-19.

تدفقت بعدها الفرق الطبية من جميع أنحاء الصين لمساعدة ووهان على احتواء المرض وتوفير المزيد من الخدمات الطبية، لم يدخر فرد منها جهدا في تقديم كل ما يستطيع لخدمة من هم إخوة له في الوطن والإنسانية. سقط الكثير من العاملين في المجال الطبي ضحية للفيروس الشيطان، وكان من بينهم الطبيب الشاب لي ونليانغ أول المحذرين من الفيروس والذي توفي بسبب مضاعفات مرض كوفيد-19، حيث أصابته العدوى نتيجة اختلاطه بالمرضى أثناء عمله. رحل لي وينليانغ مخلفا جرحا وحزنا كبيرا في الشارع الصيني.

أغلقت مدينة ووهان بالكامل ولم يكن يشاهد أي شخص في شوارع المدينة سوى المتبرعين ورجال الأمن والعاملين في المجال الطبي. متبرعون من كل الفئات، تقدموا في الخطوط الأمامية لمواجهة الفيروس لتقديم الخدمات لسكان المدينة المحجورين في منازلهم. عاملون في المجال الطبي يعملون على مدار الساعة بتفان وإخلاص في سبيل تحقيق هدف واضح ومشترك وهو دحر كورونا. أفراد من الجيش والشرطة يقومون بإيصال المواد الغذائية والصحية والأدوية لجميع سكان المدينة. مسؤولون حكوميون وحزبيون عملوا كمدبري منازل في المساكن المؤقتة للأطباء والممرضات ولجميع العاملين في المجال الطبي والمتبرعين. قضاة من محاكم ووهان المختلفة عملوا كطباخبن ومنظفين في خدمة المتطوعين وخدمة الطاقم الطبي، وغيرهم الكثير. كانت حربا حقيقة ضد عدو غير تقليدي.

في مدينة بكين على بعد أكثر من 1100 كيلومتر ووهان، تقوم حكومة المدينة بجهود جبارة للسيطرة على عدد الحالات المتزايدة في المدينة باستخدام تقنيات الاتصال المتطورة والذكاء الاصطناعي بغية الوصول إلى جميع الحالات المشتبه في إصابتها بالعدوى. ففي الوقت الذي تقوم فيه بكين بجهود تتبع الحالات المؤكدة واحتوائها وفرض الحجر الطبي على آلاف المخالطين لها، كانت أيضا تبذل الجهود في السيطرة على حركة الهجرة المعاكسة للعائدين من ديارهم الأصلية إلى المدينة لمواصلة أعمالهم، وهو ما كان يشكل ضغطا مضاعفا على المدينة المليونية. فرضت بكين كجميع المدن الأخرى في الصين قيودا على حركة التنقل والمواصلات وأوقفت جميع الرحلات البرية الغير خاضعة للمراقبة والتي تصل إلى بكين بواسطة الطرق البرية السريعة. اقتصر استقبال العائدين على الرحلات القادمة إلى بكين عبر الرحلات الجوية والقطارات، حيث يتم فحص درجات حرارة المسافرين بشكل دقيق. كان ذلك تحديا كبيرا للعاصمة بكين والتي أثبتت قدرتها على تخطيه وتحقيق أفضل النتائج المجمعات السكنية في جميع مناطق العاصمة بكين فرضت حجرا إجباريا لمدة 14 يوما على جميع العائدين بغض النظر عن المناطق التي عادوا منها. تقوم إدارات المجمعات السكنية بمراقبة الداخلين والخارجين من المجمعات السكنية و تأكيد التزامهم بالحجر القانوني في مساكنهم وتوفير ما يحتاجونه من مؤونة عند الضرورة. لايستطيع أي منهم مغادرة مسكنه إلا بعد اجتياز فترة الحجر، حيث يتم بعدها إصدار بطاقة خاصة لمن انتهت فترة حجره للدخول والخروج من المجمع السكني. أما بالنسبة لمن لم يغادر مسكنه في بكين خلال إجازة العيد ففد كانت تصدر له البطاقة من دون فرض الحجر. لايسمح بدخول أي شخص إلى المجمع أو الخروج منه إلا بعد إبرازه للبطاقة وقياس درجة حرارته.

في المؤسسات الحكومية والخاصة التي كان عليها الاستمرار في العمل خلال أزمة الوباء، كانت المؤسسة توفر الكمامات الواقية لجميع العاملين في المؤسسة بلا استثناء. كما فرضت إجراءت فحص درجات الحرارة في جميع المباني الحكومية والخاصة والمؤسسات والشركات وحتى الأسواق والمحلات التجارية. وقامت جميع المؤسسات الحكومية والخاصة كذلك بتخفيف العبئ الوظيفي وأيام العمل على جميع العاملين فيها، بغية تقليص فترة تعرضهم للاختلاط مع الآخرين في الخارج. 

أما بالنسبة للمواصلات العامة وخطوط مترو الأنفاق في بكين فقد كانت محط اهتمام حكومة المدينة. تولي بكين اهتماما كبيرا لعمليات التعقيم اليومية والمستمرة لجميع وسائل المواصلات في جميع مناطق المدينة، بالإضافة إلى قياس درجات الحرارة لجميع مستخدمي مترو الأنفاق والذي قل عددهم بشكل كبير خلال فترة انتشار الوباء بسبب اختيار الكثير من المؤسسات والشركات للعمل من المنازل والتواصل عبر شبكة الانترنت. 

كذلك كان الحال بالنسبة للمدارس والجامعات التي اختارت استمرار العملية التعليمية عبر شبكة الانترنت معتمدة على التقنيات الصينيىة المتطورة في مجال التعلم عن بعد والتعليم الالكتروني وتوفر شبكة الانترنت في كل مقاطعات الصين ومدنها وحتى القرى الجبلية النائية. وهو الأمر الذي ساهم في عدم انقطاع عملية التعليم في جميع مناطق البلاد.

في مناطق الصين الأخرى كان يجري نفس النظام وبنفس الوتيرة، ويحظى بنفس الدعم من الحكومة الصينية التي لم تفرق بين منطقة وأخرى أو بين قرية و مدينة. فقد سارعت الحكومات المحلية في جميع مناطق الصين بدعم من الحكومة المركزية لفرض قيود على خروج السكان ودخولهم من المدن والقرى والحارات والمجمعات السكنية.

النجاح

اليوم وبعد أن وصل العد التراكمي لحالات العدوى المؤكدة بفيروس كورونا الجديد إلى ما يفوق 81 ألف حالة مؤكدة، وأكثر من ثلاثة آلاف وفاة، نرى أن الجهود الصينية تؤتي ثمارها في احتواء الوباء والسيطرة عليه. فلغاية وقت كتابة هذا المقال تم شفاء أكثر من 70% من المصابين بالفيروس، وتقلص عدد الحالات القائمة إلى إقل من خمس العدد التراكمي، واستمرت جميع مناطق الصين لعدة أيام في عدم تسجيل أي إصابات جديدة بالفيروس بمافيها مدينة ووهان مركز الوباء. ووهان التي وصل أعلى عدد لحالات الإصابة الجديدة فيها لأكثر من 15 ألف حالة مؤكدة خلال 24 ساعة في تاريخ 13 فبراير 2020، اليوم تسجل "صفر" حالة! 

في 10 مارس 2020 توجه الرئيس الصيني شي جينبينغ لمدينة ووهان في زيارة تفقدية للمدينة والإطلاع على التقدم والنتائج التي تم إحرازها في الحرب على الفيروس. زار الرئيس شي برفقة المسؤولين المحليين مستشفى هوشينشان في ووهان. تفقد شي أحوال الفرق الطبية والمرضى والمواطنين والمقيمين والطلبة في جميع مناطق المدينة وتبادل معهم اطراف الحديث. وهو ما نظر إليه بأن الصين قد بدأت فعلا في تحقيق النصر الشامل في المعركة على الفيروس الشيطان. 

تثبت الحالة الصينية يوما بعد يوم نجاحها في تجاوز الصعاب والأزمات بسبب تظافر جهود الحكومة والشعب ووحدة الرأي والأهداف وغلبة الوطنية وانتصار حب الوطن والسعي من أجل مصلحة الآخر في بلاد السور العظيم.

الخاتمة

 لم يدخر أي فرد في الصين الجهد للمشاركة بشكل مباشر أو غير مباشر في جهود إحتواء الوباء. فأولئك الذين لم يخرجوا من بيوتهم كانوا جنودا مجهولين حرموا أنفسهم من الخروج من منازلهم والاستمتاع بأشعة الشمس في الشتاء البارد، جميعهم ساعدوا في القضاء على الفيروس والتغلب على تبعاته. الجميع خرج منتصرا من أرض المعركة لأن الوطن هو أم الجميع وعشهم الدافيء. وقف العاملون في المجال الطبي وغيرهم بأجسادهم مشكلين سورا منيعا في وجهة الوباء معلنين عليه الحرب وأنهم لن يتراجعوا قيد أنمله عن أهدافهم.

سور الصين العظيم كان شاهدا على ما حدث في الصين خلال فترة انتشار فيروس كورونا الجديد، وهو السور الذي ألهم الصينيين العزيمة والصبر لأكثر من ألفي عام في حروبهم ضد عدوهم بشرا كان أم فيروسا. إلا أن هناك سور آخر أعظم وأكثر شموخا من سور الصين العظيم الشهير الذي بني من أقوى صخور الجبال في الصين. أنه السور الذي يتغنى به جميع أبناء الشعب الصيني صباح كل يوم في النشيد الوطني الصيني، فيقولون: "وسنبني لنا من أجسادنا سورا عظيما جديدا".