+A
A-

مثلث أسود بين ليبيا والنيجر والجزائر.. داعش في الصحراء

طغت العملية العسكرية التي يقودها الجيش الليبي لتحرير العاصمة طرابلس واستعادة الأمن فيها على الأحداث في ليبيا، لكن في أماكن أخرى تلوح ظلال داعشية، فالتنظيم الإرهابي مازال ينشط بكل حريّة في الجنوب، واستطاع أن يجد له مكاناً وسط هذه الفوضى السياسية والأمنية، حتى أنه حوّل جزءا من الصحراء الليبية إلى موطن له.

ويقول مراقبون، إن الصحراء الليبية خصوصا المثلث الحدودي بين ليبيا والجزائر والنيجر، تحوّلت إلى مكان مثالي لتخفي داعش ومزاولة نشاطه، وأتاحت له فرصة لإعادة التعبئة ورصّ صفوفه بمقاتلين جدد، مستغلا الحدود الخارجة عن السيطرة الرسمية للسلطات الليبية الشرقية والغربية، والتي تنشغل قواتها منذ شهر أبريل من العام الماضي، في العاصمة طرابلس.

مثلث السلفادور

وفي هذا السياق، قال الشيخ سالم، وهو واحد من أهم الشخصيات الاجتماعية في إقليم فزّان، إنه بالرغم من أن الطيران الأميركي تدّخل بشكل إيجابي وقضى على الكثير من أفراد تنظيم داعش، وساهم في تقليل نشاطه، إلا أنّ لا أحد يستطيع إنهاء وجوده، في ظل الوضع السائد في الجنوب الغربي لليبيا وصحرائها الشاسعة، خاصة "مثلث السلفادور" الواقع بين ليبيا والنيجر والجزائر، والذي يمثل خط وشريان الحياة للتنظيمات الإرهابية، خصوصا داعش وعصابات التهريب والجريمة المنظمة، التي تتغذّى من غياب الدولة في تلك المنطقة سواء سياسيا أو أمنيا أو اجتماعيا واقتصاديا.

كما أوضح الشيخ سالم في تصريح للعربية.نت، أن المهربين والدواعش يستخدمون هذا المثلث للحركة من النيجر ومالي والجزائر وليبيا، حيث يدخلون ليبيا عبر القطرون أو عبر الحدود الصحراوية مع غات، وينتقلون بكل حرية ومثلما يشاؤون داخل المناطق الليبية.

إلى ذلك، يشدد سالم على أن هذا لا يعني أن للإرهاب حاضنة اجتماعية في مدن الجنوب الليبي، إلا أن التنظيمات المتطرفة تستغل فقر عدد من الشباب وحاجتهم لمصدر رزق، واستطاعت أيضا استغلال الامتداد الصحراوي الكبير الذي يربطها بدول الساحل والصحراء، لاستقطاب مقاتلين جدد من هناك.

علاقات مع تجار المخدرات والأسلحة

وأوضح قائلاً "لم يجد داعش حاضنة اجتماعية لأن أغلبية الناس هنا ينبذون الفكر الداعشي ، لكنه نجح في ربط علاقات مع تجار المخدرات والأسلحة من شباب المنطقة، وأصبح يستخدمهم كعناصر دعم، فالكثير من هؤلاء الشباب لا يؤمنون بفكر داعش، لكنهم يجنون من التعامل معه أموالا كثيرة، حيث يقومون بتزويده بكل ما يحتاجه من مؤونة وسلاح دون خوف من المحاسبة، لأنّه في صحراء الجنوب الليبي لا تستطيع أن تلقي القبض على أحد، فهي صحراء مفتوحة وغير مراقبة، ومن يريد كسب المال بشكل سريع، يتعامل مع التنظيمات الإرهابية وغير المشروعة".

صعوبة مراقبة الصحراء

من جانبه، رأى العقيد المتعاقد من جهاز الاستخبارات في الجيش الليبي محمد إبراهيم الزوي، أن تكثيف نشاط التنظيمات الإرهابية وعصابات التهريب في المنطقة الليبية المحاذية للجزائر والنيجر، يعود إلى صعوبة مراقبة الصحراء الشاسعة، والتي تتميّز بأودية عميقة ومغارات وبعض الجبال الوعرة، التي لا تعرفها إلا تلك الجماعات، وتستخدمها كستار لتنقلاتها، وتكفل لها تحركات دائمة وسط حماية طبيعية.

كما أشار الزوي في تصريح للعربية.نت، إلى أن الإرهابيين يتنقلون بكل حريّة في بلدة القطرون الحدودية مع تشاد وكذلك سلسلة جبال هاروج الممتدة لأكثر من 200 كيلومتر وجبال تبستي، لصعوبة السيطرة الأمنية عليها، ووعورة تضاريسها، مشيرا إلى أن الخلايا المتبقية لتنظيم داعش نجحت في إقامة قواعد جديدة في الصحراء الليبية بعيدا عن المدن وعن الأعين، لافتا إلى أن وجوده يتعدى الحدود الليبية نحو الدول المجاورة للجنوب الليبي.