قبل 10 سنوات اجتاحت مملكة البحرين حالة عارمة من الحزن. بكى الناس بحرقة وألم، وبدا أن ليلاً طويلاً سيخيّم على الكرة البحرينية!
صدمة كبيرة انهارت إثرها آمال التأهل لكأس العالم، وللمرة الثانية طائرة الأحلام المونديالية تهوي من عنان الفرح إلى أخمص طبقات الإحباط.
خسر الأحمر أمام نيوزيلندا بعد أن كان على حافة الوصول إلى جنوب إفريقيا 2010 بذات التراجيديا التي صاحبت تصفيات مونديال ألمانيا 2006. ضربتان في الرأس توجعان!
الصحافة المحلية عبّرت عن حزن الشارع وخيبة أمل الجماهير في عناوينها العريضة. وكنت شخصيًّا على وشك أن أصب جام غضبي بعنوان قاس، لكنني تراجعت في اللحظة الأخيرة بعد استفاقتي على حقيقة أن الخسارة جزء من كرة القدم.
فلسفة الحياة موجزة في هذه الرياضة المشوقة، وما التحديات الكبرى إلا مخاض ولادة كما هي الهزائم الكبرى انقباض الروح، وبين الأمل والألم أحرف متشابهة لكن الفارق بينها في المعنى شاسع!
أتذكّر تلك الحادثة لأنها تخلّد لحظة ألم حوّلها عاهل البلاد المفدى جلالة الملك حمد بن عيسى حفظه الله ورعاه إلى لحظة أمل من خلال مكالمة هاتفية أجراها مع لاعبي المنتخب آنذاك؛ ليواسيهم ويثني عليهم. ولم يكتف جلالته بذلك وإنما كلّف نجله سمو الشيخ ناصر للنظر في الشأن الكروي البحريني برمته.
مرّت السنوات على تلك الحادثة حتى ظننا أن حظوظنا تلاشت في الساحرة المستديرة؛ خصوصًا أن الجيل الشاب الصاعد لم يظهر بوادر نجومية شبيهة بأسلافه. ولكن المفاجأة كانت مدويّة!
والآن انظروا ماذا حدث. لقد أصبح ناصر بن حمد “عراب المنتخب” والداعم الأول لأبطاله الشجعان، الذين أشعلوا أضواء الفرح بالفوز التاريخي بكأس الخليج بالتزامن مع احتفالاتنا بالأعياد الوطنية.
كانوا يعلموننا في الابتدائية جملة شهيرة في كتب اللغة العربية “مع حمد قلم” وبعد هذه السنوات الطويلة اكتشفنا أن “مع حمد أمل” في أن الأجمل آتٍ في الأيام التي لم نعشها بعد.
فشكرًا إلى الرياضي الأول في مملكة البحرين. وشكرًا إلى نجله الملهم ناصر بن حمد الذي نثر السعادة في ربوع الوطن كما فعل والده قبل عشرين عامًا عندما دشّن حكمه الزاهر بميثاق العمل الوطني!