مفهوم الخدمة الاستشارية كما قرأتها في أحد إصدارات المنظمة العربية للتنمية الإدارية هو: ’’علاقة تفاعلية بين خبير استشاري مؤهّل بحكم تكوينه العلمي وتجربته العملية ومقدرته الفنية وعميل يحتاج إلى هذا الخبير‘‘. انتهى. والآن سيدي القارئ لنطّلع معًا على الرسالة التالية التي رفعها أحد المستشارين أو الخبراء إلى رئيس المؤسسة التي يعمل فيها.
سيدي: ربما تتملكك المفاجأة إذا اعترفت لك بأني لم أقدّم حتى الآن ورغم مرور أكثر من سنة على تعييني، أو أساهم في أي مشروع ذي مردود يعادل ما أستلمه من مرتبات ومزايا مالية، فما أقدمه لا يتعدى كتابة المذكرات وإجراء الاتصالات نيابة عن مسؤولي بسبب بعض الضبابية في قدراته المهنية. أنا على يقين سيدي، بأن هناك مسؤوليات أكبر من تلك دعت المؤسسة لتوظيفي.
سيدي: إن الخبير مهما كانت درجة كفاءته ومهنيته سيكون أداؤه محدودًا وغير مرضٍ إذا لم يكن مسئوله المباشر على درجة معقولة من المهنية ويمتلك القدرات اللازمة للتوجيه والتحليل والأصول الأساسية للنقاش. إذا لم يكن المسؤول كذلك فإنه، أي هذا المسئول، يضع نفسه أمام خيارين، الأول حبس المشروع أو العمل في الدرج حتى يحرقه الزمن والخيار الثاني إجازته دون فهم كافٍ لتبعاته وكلفته الحقيقية مقابل جودته ومردوده ومدى تحقيقه للهدف المرسوم له.
سيدي: إنها مسألة مبدأ. فأنا لا أستطيع الاستمرار في تقاضي هذه المرتبات والامتيازات المالية السخية دون تقديم ما يوازيها وأكثر من عمل وإنجاز، فالمبدأ هو الأجر مقابل عمل وأنا حاليًّا مع الاعتذار وبصراحة خارج هذا المبدأ وهذا لا يتماشى مع أخلاقياتي ومبادئي المهنية. لقد شرحت هذا وبالتفصيل لمسئول الموارد البشرية ولا أدري إن تم نقل هذا لكم أم لا. الغريب في الأمر، سيدي إنه تم تجديد عقدي بأمر من مسئولي المباشر دون أخذ رأيي.
سيدي: أنت خير من يعرف ويقدر ويؤمن بأن مقدرات المؤسسة وأموالها أمانه لا يجب التصرف فيها إلا بوجود معايير وأسس تجيز وتبرر ذلك. أعرفك سيدي الرئيس تمامًا وأقدّر كفاءتك العالية وأسلوبك الراقي والمهني في إدارة هذه المؤسسة، لذا توجّهت إليك مباشرة طالبًا منك قبول استقالتي مع خالص تحياتي. سيدي القارئ لو كنت أنت الرئيس ماذا سيكون موقفك؟