أقيم بالبحرين المنتدى الرابع للمؤسسة الخيرية الملكية تحت عنوان “الكرامة الإنسانية” حيث عملت المؤسسة على استضافة عدد كبير من العاملين في القطاع التطوعي من جميع أنحاء العالم، وحظينا بفرصة الاستماع إلى عدد من التجارب الملهمة في عدد كبير من أوطاننا العربية والإسلامية.
كانت القصص ملهمة لدرجة سمحت فيها لدموع المشاركين أن تنساب وسط تصفيق حار لكل المتحدثين الذين شاركوا في فقرات البرنامج، لكن أكثر ما استوقفني هو سؤال طرحه أحدهم حول مشروعية الإعلان عن أعمال الخير التي تقوم بها جهة معينة أو أفراد معينون، حيث انقسم الحضور بين مؤيد ومعارض، إلا أن جهة المعارضة اكتسحت وبات الكل على قناعة بعدم ضرورة الإعلان والمباهاة بأعمال الخير أو الصدقات التي تخرج في سبيل إحياء سنن أو مساعدة الغير أو المساهمة في العمل التطوعي المرجو.
حقيقة لا أتفق كثيرا مع ما تم طرحه ففي القرآن الكريم وتحديدا في سورة البقرة جاء الإرشاد الإلهي واضحا (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ۖ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ).
وفي الآية مشروعية واضحة لإبداء الصدقة لكن دون أذى، وإن كان الخير الكثير يحيط بإخفائك إياها، لكن الإبداء قد يكون باب تذكرة لغيرك، وحتى تكون الصورة أكثر وضوحا دعوني أضرب هذا المثال، إن عمل مجموعة من الأفراد على مشروع تطوعي معين يباهون فيه بإنجازاتهم الخيرة وما قاموا به خير دليل على مشروعية إبداء التصدق ففيه من الجهد والمال والصحة ما أنفق في سبيل الغير وفيه دعوة واضحة لضرورة الانضمام إلى مثل تلك الجهات الخيرية التطوعية أو العمل الفردي في سبيل إحياء باب الصدقة.
المرفوض هنا تحديدا هو التشهير بأصحاب الحاجة، أسماؤهم، احتياجاتهم، أو وسمهم بحاجتهم، وهو أمر بات دقيقا للغاية وسط مشروعية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي قد يستخدمها البعض للمباهاة المرفوضة و”التمنن على خلق الله”، أو لتواجد البعض ممن يدعون الحاجة ويستطيعون استغلال الكثيرين وهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى محتالين طرقوا أبواب أناس طيبي القلب والنفس فتأثروا وصدقوا احتيالهم.
ومضة:برأيي إن أفضل التوصيات التي خرج بها المنتدى وجوب أن يكون العمل التطوعي ضمن قنوات مشروعة تضمن لك المساهمة الفاعلة دون رياء، فذلك يحميك من الوقوع ضحية للنصب والاستغلال ويحفظ الكرامة الإنسانية لكل المتعففين حول العالم.