ما حدث في غابر الأزمان قابل للحدوث في كل وقت وآن، ومن الفطنة والحذر استيعاب دروس التاريخ، ومنها ما حدث في زمن الخليفة العباسي المستعصم، حين فلتت الأمور العامة أثناء خلافته عندما أوغل عدو مستتر بظاهر المحبة وباطن العداوة، وهو ابن العلقمي الذي قام بدور الوقيعة والتحريض وتقديم المشورة للمستعصم حين حسن له جمع الأموال والاقتصار على بعض العساكر وتخوينهم، كما منع عن المستعصم الأخبار وما يجري في البلاد، وإذا جاءت المستعصم نصيحة في السر أطلع عليها ابن العلقمي الذي يقبح له صاحبها ويستغلها لصالحه، فصارت مهنته الوشاية  والوقيعة حتى مكن العدو الخارجي وسهل عليه احتلال البلاد بعد أن تمكنت الفرقة بين الشعب والعساكر والمستعصم، وها نحن نرى في هذا الزمن ما حدث في أغلب البلاد الإسلامية، منها ما تدمر حكمها وتشتت أهلها بسبب الوشاية والتحريض والتآمر من أشخاص وجماعات تعاهدوا على الإفساد وخراب البلاد.

ها هي حرب شعواء تشن في وسائل التواصل الاجتماعي يقودها أمثال ابن العلقمي لبث الفرقة بين أفراد المجتمع وتشتيت الكلمة وتقطيع أواصر القربى ونشر العداوة والبغضاء، من كلام يخدش الحياء تبثه حسابات المنافقين والضالين المضلين والحاسدين وأصحاب الهوى الذين لا يملكون الشجاعة لخباثة نفوسهم، فمنهم من استغل اسما مستعارا منذ سنوات محاولاً التضليل عن هويته وطائفيته بوضع صور لساسة وقادة ليحقق مآرب بإفساد العلاقات العائلية وبث الفرقة، ونشر أفكار ظاهرها مثمر وباطنها محرق يسوق الكلام بخبث يدب بين تغريداته وحسابات أخرى يتخفى هو وأمثاله من خلالها يطعنون منها في الأعراض ويخونون الأمناء ويحاولون التفريق بين الرموز والساسة لصالح أجندة خبيثة يحاولون من خلالها الوصول إلى مآرب وتحقيق أهداف يستطيعون من خلالها إضعاف الدولة والتمكن من مفاصلها حين تخلو لهم الساحة بإقصاء الشرفاء، فيقدموا أنفسهم بأنهم المنقذون.

ولابد أن نشير هنا إلى ما نصت عليه وثيقة الخطة الإيرانية الخمسينية (ضرورة زلزلة كيان الحكومات بإيجاد الخلاف بين الحكام والعلماء والشعب، ما يحقق نجاحاً باهراً بفقدان هذه الدول تلك الأركان الثلاثة).

سدد الله ولاة الأمور في محاربة الحسابات المجرمة التي طعنت في أعراض وأمانة الشرفاء من رموز وساسة ومواطنين، وكشف الله ستر هذه الوجوه التي عرفت قبل 2011 وبعدها وحتى اليوم بعدائها للدولة والشرفاء، محاولة تفكيك وحدة الشعب الذي وضع يده في يد ولاة أمره مما أحزن هؤلاء الخبيثين من أبناء العلقمي الذي مكن أعداء البلاد بعدما نشر الوشاية وأشار بمشورات هلك منها النسل والحرث.