اتفق التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في أول اجتماع له في الرياض بعد نحو عامين من إعلان السعودية تأسيسه على محاربة الإرهاب في المجال الفكري والمجال الإعلامي وتجفيف مصادر تمويله ورابعا محاربته عسكريا، وأتصور أن القضية الحيوية التي تبرز أمامنا في هذا الأمر هي المجال الفكري والإعلامي، فبالرغم من تقدمنا في ميادين العلم والمعرفة وامتلاكنا إعلاما يواكب المتغيرات إلا أنه يوجد نقص وثغرات كثيرة استغلها أصحاب الفكر المتطرف بصورة فورية لتلويث عقول الشباب ورسم طريق مغاير للطريق الصحيح، فالقضية بدأت من ظاهرة انتشار العودة إلى التدين بين بعض فئات الشباب في البلدان العربية، وهذا شيء حسن فالإسلام هو الحق، ولكن، أصحاب الفكر المتشدد والمتعصبون والمنغلقون اغتنموا هذه الفرصة وتوجهوا إليهم بخطب ومحاضرات ورسائل وبالأخص الأجيال الناشئة الجديدة، وفسروا لهم صورا وبرامج وأحداثا تمجد الانتقال من الدنيا إلى الآخرة وأن مكانهم الحقيقي هو ساحة التدريب على السلاح متوكلين على الله، وهذا الجهل والتطرف مع كل أسف استمر طويلا في بلداننا العربية وكان الأفق مفتوحا للمنظرين والدجالين، فقد تمكنوا من تقديم بعض الدروس التعليمية في الجامعات والمعاهد والمدارس، وساهمت في رفع مستوى التطرف والغلو في عقول الناشئة، وبعضهم اتجه في خبثه ورمي شباكه إلى طريق الأفلام والتمثيليات.

أما على الصعيد الإعلامي فقد كنا في نقطة بعيدة عن الحدث، ولم نكن قادرين على استيعاب المهمة وتحديد الهدف، فالفضائيات اليوم أصبحت أكثر خطورة لأنها وسيلة تقع عليها مهمات تعليمية وتربوية وثقافية، إضافة إلى المهمات الرامية لتطوير المجتمع وتقدمه، ومن الأمور التي لا جدال فيها انتشار القنوات الدينية الطائفية والمذهبية بشكل مخيف في سائر العالم العربي، وهي قنوات تحولت إلى مادة حية للتكفير والدمار والقتل، ويتم تمويلها على صعيد الشكل والبنية من قبل زعماء ورموز الإرهاب والدول الراعية له.

ما سبق ربما تشخيص دقيق للعجلة الثقافية والإعلامية العربية التي فشلت في تحقيق المتطلبات في ضوء المهمات، ولكننا اليوم متفائلون خيرا بوجود التحالف الإسلامي بقيادة السعودية في مواجهة هذا الزحف السرطاني المسمى “الإرهاب”.