+A
A-

اقتصاديون ونواب: ازدواجية القرارات والخطط "المسلوقة" فاقمت العجز المالي

فخرو: المشكلة "عويصة".. العجز وصل إلى 1.5 مليار دينار

قراطة: "النواب" قدم 38 توصية لتنمية الإيرادات

الزياني: وزارة المالية تقدم خططًا عشوائية لإدارة الاقتصاد

البحارنة: على الحكومة خصخصة بعض القطاعات الخدمية

 

ركزت ندوة "انعكاسات الميزانية العامة على الاقتصاد" التي نظمتها لجنة الشأن المحلي بغرفة تجارة وصناعة البحرين، على أهمية البحث عن حلول واقعية لمشكلة تفاقم العجز في الميزانية وتضخم الدين العام، مع وضع رؤية اقتصادية واضحة، مشددة على أهمية التنسيق والتعاون والتشاور بين الجهات المعنية بالاقتصاد، وتعظيم دور القطاع الخاص في عملية التنمية.

وأكد المنتدون أن ازدواجية القرارات وتعدد الجهات التي تضع السياسات الاقتصادية والخطط التي تعد كردة فعل "مسلوقة"، فاقمت العجز وأوصلت حجم الدين العام إلى مستوى يصعب سداده إلا بالقروض، وبالتالي جعلت من المشكلة كـ "كرة الثلج".

وقالت عضو مجلس إدارة الغرفة، رئيسة لجنة الشأن المحلي الشيخة هند بنت سلمان آل خليفة بكلمة افتتاحية "ستبقى الميزانية العامة موضوع الساعة، وإن لجنة الشأن العام في الغرفة وجدت أنه من المسؤولية أن يكون هناك نقاش جماعي يوضّح مجالات عديدة في جانب الميزانية، وأن يلقى الضوء على العديد من الأسئلة التي تدور في أذهان الناس.

وأدار الندوة مدير برنامج الدراسات الجيوسياسية في مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة عمر العبيدلي وقال إن هذا الموضوع الحيوي يكتسب أهمية كبيرة خصوصًا وأن البيان الختامي لزيارة وفد صندوق النقد الدولي تمت الإشارة إلى التالي:

في العام 2016 بلغ العجز في الميزانية العامة نحو 18 % من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغ الدين العام 82 % من الناتج الإجمالي المحلي، ويتوقع خبراء الصندوق الدولي أنه بعد الإصلاحات الاقتصادية ومنها إجراءات التقشف سوف يبلغ العجز نحو 13 % في العام الجاري 2017.

وتحدث في الندوة كل من عضو لجنة الشؤون المالية والاقتصادية في مجلس النواب أحمد قراطة، والنائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو، والنائب الأول لرئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة البحرين خالد الزياني، ونائب رئيس لجنة المصارف والتأمين في الغرفة، ورئيس مجلس إدارة الأهلية للتأمين أسامة البحارنة.

وكان بداية الحديث حول ما يميّز العجز في الميزانية حاليًّا، خصوصًا وأن البحرين قد شهدت في السنوات الماضية حالات عجز عديدة.

 

المشكلة "عويصة"

فخرو: إن العجز ليس وليد اللحظة، وفي السنوات السابقة حتى العام 2008، كان هناك فائض في الموازنة، وبدأ العجز في 2009 واستمر للأسف حتى الآن، وما يميز العجز في المرحلة الحالية هو تفاقم مقدار مبلغ العجز، في السابق كان الحديث عن 200 إلى 300 مليون دينار، وكان يشكّل العجز ما نسبته 7 % إلى 9 % من الناتج القومي الإجمالي، في حين أن العجز حاليًّا يشكل 18 %، وهي نسبة لا يمكن تخيلها بأن تصل نسبة العجز في دولة إلى هذا المستوى.

إن ما يلفت النظر هو مضاعفة مقدار العجز بنحو 3 مرات، في الوقت نفسه تمت مضاعفة حجم الميزانية والإنفاق فيها، وبالتالي فإن الإنفاق لم يتساوى مع مقدار الدخل، وارتفعت التزامات الدولة وازدادت نسبتها.

إن ملاحظات صندوق النقد الدولي جديرة بالاهتمام، وإن كل دول العالم التي مرّت بنفس مشاكل البحرين لم تخرج نطاق الحلول عما وضعها صندوق النقد.

ووصف المشكلة بـ"العويصة"، لقد باشرنا في وضع الحلول، ولكن السؤال هل سنحقق النسب المعقولة للعجز؟ هذا ليس منظورًا في الوقت القريب، إذ إن أسعار النفط لا تخدم هذا الأمر، لقد حاولنا معالجة الموضوع من باب الرسوم والضرائب.

إننا نتحدث عن عجز يبلغ 1.5 مليار دينار، وليس عن 300 مليون دينار، ولهذا فإن إيجاد الحلول ليست بالأمر السهل.

إن ما يميزنا للأسف هو أننا في دورة اقتصادية سلبية، مع حجم كبير للعجز والدين العام. إن البحرين تؤمن بمبدأ التنمية المستدامة، ويعني ذلك أنه لا يجوز للجيل الحالي أن يستفيد من حقوق الأجيال المقبلة، إن ما نقوم به الآن هو تحميل الأجيال المقبلة قيمة نحو 5 مليارات دينار كعجز في الموازنة تم تغطيتها من خلال القروض.

ومن الواضح أننا لم نكن في السابق وحتى الآن لدينا خطة واضحة لكيفية التسديد، ولهذا فإن التصنيف الائتماني للبحرين قد تراجع، بسبب الدين العام وأسباب أخرى، وحملنا الموازنة العامة للدولة بمبالغ طائلة. وعلى سبيل المثال ميزانية وزارة التربية والتعليم تبلغ 350 مليون دينار، في حين أن فوائد الدين العام تبلغ 390 مليون دينار.

 

من يضع السياسة الاقتصادية

قراطة: وضع النواب عدة حلول، وقدمنا نحو 38 توصية لتنمية الإيرادات، لحلحلة الوضع، وللأسف لم نلق أية استجابة من قبل الحكومة، بل أخذت قرارًا من جانب واحد ومتسرعًا وغير مدروس.

نحن في وضع مالي "مزرٍ" لدرجة أن الإيرادات غير النفطية بلغت 20 % من مجموع الإيرادات، إذ لازلنا نعتمد على النفط بنسبة تفوق 80 %.

إن من ضمن التوصيات التي رفعها مجلس النواب هي تنويع مصادر الدخل، ودخول جميع الإيرادات في الميزانية العامة للدولة، إذ يوجد 89 مصروفًا، و30 إيرادًا، وهو ما يجعل الدولة في حال استدانة مستمرة، كما أن هناك 47 شركة منطوية تحت شركة ممتلكات لا تدخل في الميزانية العامة للدولة، كما يوجد 17 مؤسسة وهيئة حكومية لا تدخل الميزانية أيضًا.

ومن ضمن المقترحات هو إدخال كافة الإيرادات في الميزانية العامة للدولة.

إن كافة هذه المقترحات تم تقديمها منذ العام 2015 وحتى الآن لم نحصل إجابة حول كيفية تنمية الإيرادات الحكومية، وكيفية التعامل مع الدين العام، خصوصًا وأنه وصل إلى أرقام مخيفة ولا توجد أدوات للحد من الدين العام، إذ بلغ بنهاية العام 2016 من الناتج المحلي الإجمالي نحو 8 مليارات و800 مليون دينار.

إن الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر كان يبلغ 1.5 مليار دينار في الميزانية العامة للدولة 2013 - 2014 . وكان يشكّل الغاز 446 مليون دينار، والنفط ومشتقاته 311 مليونًا، والكهرباء 315 مليون دينار، ولقد كان هدفنا البدء في هذه القطاعات، ولكن الحكومة بدأت في اللحوم والدجاج.

منذ العام 2008 ونحن نعاني، وإن الدين العام بدأ يرتفع بوتيرة سريعة، وإن الدولة سوف تستدين أيضًا في 2017 - 2018، ولا توجد أية خيارات أمامنا سوى الاستدانة نظرًا لشح الإيرادات، وكثرة المصروفات.

لابد من وضع حلول وأدوات لتحجيم الدين العام، خصوصًا وأن الخدمة على الدين العام بلغت حتى نهاية 2016 نحو 390 مليون دينار. وفي العام 2017 سوف تبلغ نصف مليار دينار.

والسؤال هنا، من يضع السياسة الاقتصادية للمملكة هل هو مجلس التنمية الاقتصادية، أم وزارة المالية، ولهذا فإن هناك ازدواجية بينهما في وضع القرارات والتضارب في اتخاذ القرارات.

 

عشوائية الخطط الاقتصادية 

الزياني: في 2008 كان هناك أزمة اقتصادية، وكانت الاهتمامات تنصب على وضع خطة لمواجهة الأزمة، وقدمت وزارة المالية وقتها برنامجًا لتفادي الأزمة وانعكاساتها، وكان السعي لخفض الدعم المقدم في العديد من القطاعات، ولكن للأسف عندما كانت لدينا الوفرة المالية لم يتخذ قرار بشأن خفض الدعم. لو اتخذ القرار في خفض الدعم منذ تلك السنة ما وصلنا إلى هذه الحالة.

واليوم عندما تعثرت الأمور ووصلت إلى ما هي عليه، أصبحت حتى الخطط التي تقدم من وزارة المالية عشوائية، وعلى سبيل المثال وضع 5 % رسومًا على المواد الأولية للصناعة، و5 % أخرى عند التصدير وهو بالتأكيد ما يقضي على الصناعات الوطنية.

إن كل الصناعات لدينا تعتمد على استيراد المواد الأولية من الخارج، وعند احتساب 5 % على صناعة الألمنيوم على سبيل المثال يعني ذلك بالضرورة خنق هذه الصناعة في الوقت التي تجد هذه الصناعات كل تشجيع من قبل الجهات المعنية في البلدان الخليجية.

والسؤال هنا، كيف تم اتخاذ مثل هذا القرار دون دراسته والذي له تأثيرات سلبية كبيرة على قطاع الصناعات التحويلية في البلاد، لقد حاولنا التواصل مع المعنيين من أجل إعادة النظر فيه لكن دون جدوى، إن التشاور مع القطاع الخاص في الشأن الاقتصادي أحد الأمور المهمة والتي يمكن بوساطتها تجنب المشاكل الاقتصادية.

 

منافسة الحكومة للقطاع الخاص

البحارنة: لاشك أن الوضع صعب، وهنا لابد للحكومة أن توازن ما بين تقليص الموازنة والتكاليف، وبين دعم الاقتصاد، وبصورة سريعة.

أعتقد إنه يمكن معالجة آثار الديون بخطط أخرى. نحن في القطاع الخاص نجد أن المطلوب من الحكومة هو عدم منافسة القطاع الخاص، ولهذا فإن على الحكومة تخصيص الشركات الحكومية، بحيث يكون للقطاع الخاص الفرصة للمساهمة والاستثمار في هذه الشركات، وتخصيص بعض الخدمات الحكومية مثل الصحة، والتعليم، وغيرها بحيث يتاح للقطاع الخاص الاستثمار في هذه القطاعات، ويخفف الضغوط على المصاريف الحكومية ما يعني تحوّل البحرين من دولة ريعية بالكامل إلى توفير مصادر ضريبية أكثر من مصادر دخل عن طريق استثمارات مباشرة في شركات.