+A
A-

مشاعر متوهجة نحو الجنس الناعم!

د.  خالد إسماعيل العلوي

 المشكلة:

السيدي الفاضل لا أدري كيف أبدأ في سرد مشكلتي؟ فهي معاناة حقيقة عشتها طوال تلك السنوات الماضية، ومازالت هذه القصة تنغص حياتي وتفكيري.

فأنا شاب أبلغ 29 من عمري، ولا أعلم ما السر المكون داخلي والذي يدفعني بكل ما تحتوي هذه الكلمة من معان إلى حيث مشاعر متوهجة ورومانسية لا تهدأ إلا بعد أن تنفذ إلى جسدي خلية خلية.

عزيزي، أكتب لك رسالتي وأحس أن قريحتي تتصرف والسبب في ذلك هو شيء مبهم في داخلي يجعلني إنسانا لا يستطيع أن يعيش من دون الجنس الناعم والرومانسية، وفي بداية مشوار حياتي كنت أمارس ما يمارسه الشباب في الخفاء رغم أني تزوجت في سن مبكر بسبب هذه الحاجة اللعينة والملحة لكن زواجي لم يزد الطين إلا بلة، زوجتي لا ينقصها شيء لكن العيب في داخلي يمزقني قطعة قطعة، كلما تواجهت مع امرأة جميلة ومع أن شخصيتي قوية جداً وأنا إنسان متزن إلى أبعد الحدود إلا أن هذا المرض هو سبب علتي، فأحيانا أصل إلى درجة البكاء والهستيرية وأنا أشعر بحاجة داخلية ماسة إلى إنسانة تحتضنني وقد تسألني عن موقف زوجتي في ذلك؟ والإجابة بلا شك أن واحدة لا تكفي مع إنسان يمارس الجنس بشكل متواصل وعلى مدى 16 عاما، ولا أخفي أنني فكرت في الزواج الثاني وكثيرات رحبن بفكرة الارتباط بي وبمجرد معرفتهن أني متزوج ولي أولاد تقلب الآية رأسا على عقب... سيدي الفاضل هذه حقيقة ما أعاني فلم أكن مبالغاً ولا مدعيا، وأخيراً بماذا تنصحني؟

 

 الحل:

عزيزي “محتار”.. أولا أشكرك على هذه الصراحة الجميلة مع تقديري واحترامي لكل مشاعرك الفياضة وشجاعتك على هذا التعبير الذي نادراً ما يبوح به المرء في مجتمعنا خوفا من السخرية والاستهزاء على اعتبار أنه يجلب له شيئا من العيب والعار.. في حال الإفصاح عن هذه الطاقة الكامنة في داخلنا كبشر فهي من الدوافع الفطرية الأساسية التي تتمثل في الغريزة الجنسية التي نتصف بها جميعاً ذكوراً وإناثاً، مع التفاوت في درجة حدوثها من شخص لآخر، ولكن هي حقيقة طبيعية تكمن في الكائن البشري وهذا ما نختلف به عن سائر الكائنات الحية الأخرى في تهذيبها لها، نسلك طريق الحياة من خلال الثروة العقلية التي نمتاز بها كبشر، نمارس سلوكياتنا بأرقى أنواع الفكر والعقلانية للحفاظ على توازننا بشكل طبيعي ومنطقي من دون أن نسبب خللاً في هذا التوازن، ولاسيما أن هذه الصفة منحنا إياها الله سبحانه وتعالى لكي نكون مختلفين عن الحيوانات في ممارستها العشوائية لهذه الغريزة من دون وضع أي اعتبار للقيمة والأخلاقيات التي نشأنا عليها نحن بني البشر.

عزيزي: إن هذه الديباجة ليست إلا لتوضيح المفهوم السيكولوجي السريع لذلك الدافع الفطري الذي نشترك فيه جميعاً مع سائر الكائنات الحية الأخرى.

أما فيما يتعلق بمشكلتك على وجه التحديد وبصورة خاصة فأعتقد أنها طبيعية جداً وما مررت به في الانتقال من مرحلة إلى أخرى لا تختلف فيها عن سائر أفراد النوع الذكوري في ممارستك أولا لعادة الاستمناء وبعدها الزواج ومن ثم الاستمتاع والراحة في الممارسة الفعلية لتلك العملية الطبيعية مع زوجتك التي تعاني أو تشكو من عيب لا سمح الله، فإلى هذا الحد تعيش وضعا طبيعيا، ولكن شغفك الزائد في البحث عن زوجة ثانية نتيجة عدم تحملك وعدم اكتفائك بواحدة وكأنها حاجة ملحة لا تستطيع أن تصبر نفسك وخاصة عندما تشاهد الجنس الناعم كما تدعي، إلا أنني أرى أن الأمر لا يستدعي كل هذا الهول والتضخيم من مشاعر متوهجة وقريحة ممزقة كلما واجهت امرأة جميلة، مع أنك صاحب شخصية قوية جداً وإنسان متزن إلى أبعد الحدود ولكن لديك الكثير من الرومانسية وهذا ليس بعيد، فالإنسان الرومانسي يجب أن تكون عواطفه أيضا متزنة وإلا سوف تكون على هذا الحال بشكل مستمر ولن تتمكن من التغلب على اندفاعاتك الهوائية التي غالباً ما تنعكس عليك وتكون نتائجها سلبية بالفعل قد تصل أحياناً لدرجة البكاء والحالة الهستيرية.

فأنصحك أولاً بأن تصرف النظر عن فكرة الزواج الثاني؛ لأنه ليس حلا لمشكلتك، ثم حاول أن تشغل نفسك في أوقات فراغك مثل ممارسة الرياضة وليكن أقلها المشي أو الجري لكي تزيل عنك التوتر وتخفف تلك الطاقة والشحنات، كما أن هناك كتبا عن الثقافة الجنسية يمكنك الاطلاع عليها وقراءتها بتمعن قد توسع مدارك من حيث المفاهيم والتعامل مع شريكة حياتك واتباع الأسلوب الأمثل معها، مع محاولة توسيع رقعة علاقتك مع الأصدقاء والانشغال معهم، وإذا كانت لديك الرغبة والاستعداد في العمل التطوعي فيمكنك المشاركة في بعض الأنشطة عبر الجمعيات والأندية الرياضية الثقافية، أو حتى الاشتراك في الأندية الصحية لممارسة أنواع الرياضة المفيدة.

إن مثل هذه الأمور قد تفيدك كثيراً في تحجيم الطاقة لديك وتغير من اتجاهك نحو أسلوب أفضل في ممارسة حياتك الطبيعية وخاصة تبعدك عن الوحدة والخلوة التي تسبب للإنسان هذا الهوس المزمن في التفكير والعيش ومعاناة قد تتحول في مأساة يدفع صاحبها ثمناً باهضاً، وكما أود أن أطمئنك بأنك لا تعاني من أي مرض، فكل ما تعانيه هو شيء من الشراهة الجنسية وحلها بين يديك وخاصة أنك رجل متزوج ويمكنك التغلب على هذه المشكلة البسيطة تدريجياً فابدأ من اليوم بتطبيق إحدى الخطوات المقترحة التي ذكرتها لكن وتأكد انك ستجد نفسك إنساناً آخر ولم تكن تلك الرغبات المسيطرة على تفكيرك إلا أوهام ونزوات شيطانية قادتك إلى عدم الاستقرار والتشتت الذهني.

فاستمتع بحياتك الزوجية بتوجيه اهتمامك لزوجتك وتفاهم معها وقدرها بكل احترام ستجدها تبادلك المشاعر التي ترغب أن تتحقق لك فهنيئاً لك وأتمنى لك كل التوفيق بإذنه تعالى.