العدد 2974
الإثنين 05 ديسمبر 2016
banner
الجامعات ورحلة البحث عن هوية.. جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية مثالاً
الإثنين 05 ديسمبر 2016

(1)

في الحفل الخاص الذي أقيم على شرف أحد نوابه بمناسبة خروجه على التقاعد وحضره عمداء الكليات ورؤساء الأقسام وعدد من أعضاء مجلس الأمناء, ألقى رئيس الجامعة كلمة أشاد فيها بإنجازات ذلك النائب وإسهاماته البحثية في الداخل والخارج والجوائز التي حصل عليها نتيجة أدائه المتميز. وأكد الرئيس في كلمته أن وصول هذا النائب إلى منصبه الحالي كان بسبب كفاءته وإخلاصه وولائه لمؤسسته واعتراف الجهات المعنية في الداخل والخارج بإسهاماته وإنجازاته وكلنا نشهد بذلك. هنا ضجت القاعة بتصفيق حار ووقف الجميع احتراماً وتقديراً لهذا النائب الذي كان فعلاً مثالاً في العطاء والكفاءة والإنتاجية والجدية. بعدها دعا الرئيس الجميع بالترحيب بالنائب الجديد الذي سيحل محل ذاك النائب الذي سيخرج على التقاعد. ساد القاعة صمت رهيب وبحركة تلقائية وقف الجميع واصطفوا في طابور وتوجهوا مباشرة إلى النائب المتقاعد للسلام عليه وتوديعه. كان موقفاً محرجاً للرئيس رغم محاولته تلميع صورة البديل. هكذا تقدّر الكفاءة وهكذا تمحا المصداقية. الموقف السابق عزيزي القارئ غير مرتبط البتة بمؤسسة تعليمية معينة، ولكن حدوثه أمر قد لا يدخل ضمن تعريف المستحيل في أية بيئة عمل.

 

(2)

عندما تضع المؤسسة –أي مؤسسة- لنفسها هوية ويأتي الواقع بخلاف ذلك فإن الهوية تلك تبقى ديكوراً جميلاً ليس إلا. لنعد عزيزي القارئ إلى موضوعنا الآن ورحلة البحث عن الهوية وتجربة إحدى الجامعات الرائدة والمتميزة، إنها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. يقول د. أحمد بن محمد العيسى حول هذه التجربة: عندما بدأت مراحل تأسيس الجامعة وصدرت التوجيهات من الملك عبدالله بن عبدالعزيز –شخصياً- بأن تتولى شركة “أرامكو” السعودية مرحلة التأسيس، لم يكن الهم الأول لفريق تأسيس الجامعة المباني الأكاديمية ولا الأقسام والتخصصات ولا الوظائف وأعضاء هيئة التدريس ولا اللوائح والأنظمة ولا حتى مدير الجامعة وقيادتها الإدارية, لقد كانت الركيزة الأولى هي تحديد هوية الجامعة الجديدة  ويتابع الدكتور العيسى حديثه حول تأسيس هذه الجامعة فيجيبنا ومن خلال كتابه (التعليم العالي في السعودية .. رحلة البحث عن هوية) على عدد من التساؤلات التي قد بدأت تشغل بعضنا ونحن نطالع الإقتباس السابق: كيف استطاع فريق التأسيس إلى بناء هوية لتلك الجامعة الجديدة؟ ما هي الأدوات التي استخدمت للوصول بواسطتها إلى تلك الهوية؟ كيف أصبحت تلك الهوية مقرونة بإسم الجامعة؟ يقول د. العيسى في هذا الشأن بأن الهوية جاءت نتيجة طرح أسئلة رئيسة مثل  هل ستعبّر الجامعة عن هوية واضحة؟ وما علاقتها بالسياسة؟ وما علاقتها بالمجتمع؟ ما علاقتها بالتنمية؟ ما هي رسالتها؟ ما هو شعارها؟ من هم طلابها؟ من هم أساتذتها؟ بماذا تختلف عن غيرها من الجامعات المحلية والدولية؟ كيف يمكنها أن تتميز وتنافس؟  إنتهى الإقتباس. عزيزي القارئ, ما هي هوية جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية والتي خلقتها الإجابة على تلك التساؤلات؟

 

(3)

يمكننا أن نذكر النقاط التالية كما وردت من قبل د. العيسى وبشيء من الإيجاز: لقد اختار فريق التأسيس: 1) أن تكون الجامعة عالمية المستوى. تلتزم أعلى المعايير الأكاديمية الدولية في البحث والتدريس والإدارة وتطبيقها.

2) أن تكون الجامعة -من البداية- جامعة بحثية... وبما أنها جامعة وليست مركز أبحاث فهي تقدم برامج للدراسات العليا في تخصصات تخدم البحث العلمي وتخدم قطاعات التنمية في المملكة.

3) أن تتمتع الجامعة باستقلالية حقيقية إذارياً ومالياً, فقرر أن يحكمها مجلس أمناء مستقل ولا تتبع لأية جهة... بل تحكمها سياسات مجلس الأمناء وأنظمتها الداخلية.

4) أن تضع الجامعة معايير عالية المستوى لاختيار الطلاب من حيث القدرات الفعلية والمهارات العملية.

5) أن تتبنى الجامة مبدأ الحرية الأكاديمية في البحث والتدريس. وبعد أن حددت الجامعة هويتها –كما يقول د. العيسى- جاء اختيار شعار الجامعة وألوانها وموقعها الجغرافي وذلك كم أجل إحداث التناغم بين الهوية والرؤية والرسالة والقيم. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .