منذ السابع من يوليو 2013 وعلى مدى 51 يومًا، تعرض أبناء قطاع غزة لحرب بشعة من قوات الاحتلال الصهيوني التي استخدمت فيها أعنف الأسلحة وأكثرها تدميرًا لهذا القطاع وقاطنيه، فخلفت وراءها 2139 شهيدًا بينهم 579 طفلا و263 امرأة و102 من المسنين، إضافة إلى 11128 جريحا، و49 مجزرة بحق تسعين عائلة فلسطينية بواقع 530 شهيدا، ناهيك عن تدمير 2358 منزلا بشكل كلي، و13644 بشكل جزئي، وستين مسجدا بشكل كلي و109 بشكل جزئي.
ووفقًا للإحصائيات التي نشرها مركز الإعلام الفلسطيني، بلغ عدد المشردين قبيل لحظات من إعلان وقف إطلاق النار 466 ألف مواطن في كل أنحاء القطاع، موزعين على مختلف المدارس وبعض الأماكن التي كانت تحوي العائلات، ووصلت الخسائر الاقتصادية أكثر من ثلاثة مليارات ونصف مليار دولار، حيث تم تدمير 134 مصنعا بشكل كامل، ما تسبب بتسريح ثلاثين ألف عامل.
لم يكن كل ذلك كافيًا لجلب التعاطف مع أهالي غزة في حربهم، بل علت أصوات “شامتة” فيما يحدث لهم، وحملتهم المسؤولية. فتحول الفلسطيني من ضحية لأبشع أنواع الحرب والفتك إلى “جانٍ” تسبب بتصرفاته “المستفزة” وإصراره على “المقاومة” بإجبار “إسرائيل” على الدفاع عن نفسها أمام “الخطر” الرهيب الذي يمثله قطاع غزة لها!!
وفي شهر نوفمبر من العام الجاري، تعرض الكيان الصهيوني لأيام قليلة لحرائق واسعة التهمت العديد من المناطق دون أن يكون هناك أي فاعل لها أو حتى دليل على وجود خطأ بشري أدى لاندلاعها، ما جعل البعض يقول إنها انتقام الهي من إسرائيل لرغبتها في منع الأذان في القدس والداخل الفلسطيني المحتل.
إسرائيل التي أظهرت كل جبروتها ووحشيتها في مواجهة أبناء غزة العزل المحاصرين، كانت في غاية الخزي والسوء وهي بما تمتلك من عدة وإمكانيات كانت في أسوأ مراحل العجز في مواجهة هذه الحرائق ولم تقدر على دفعها أو إطفائها، حتى خلفت الحرائق خسائر مادية كبيرة، وتدمير عشرات المنازل بالكامل، وإجلاء آلاف الإسرائيليين عن بلدات وأحياء بأكملها، بعد أن طالت الحرائق 1784 مسكنا، ودمرت أو تضررت 45 وحدة استيطانية بالنيران، وتم إجلاء ألف من مستوطني “هلاميش” قرب رام الله كما تم إخلاء المدارس والجامعات. كل ذلك حدث رغم حالة التدافع العالمي لمساعدتها في إطفاء الحريق بكل الوسائل والأجهزة ومن مختلف الدول.
إلا أن الغريب في الأمر هو حالة الشفقة “الإنسانية” على إسرائيل في محنتها من أصحاب “القلوب الرحيمة”، حيث وصل الحال ببعضهم إلى إصدار فتوى بعدم جواز الشماتة فيما يحدث لإسرائيل من أضرار، وهم الذين التزموا الصمت “الفاضح” عندما كان الأبرياء من أهالي غزة يتعرضون لكل أنواع القصف الهمجي والقتل الوحشي.. ولا تعليق.