العدد 2918
الإثنين 10 أكتوبر 2016
banner
سربرنيتشا العصر
الإثنين 10 أكتوبر 2016

في صيف عام 1995م، كان عالمنا على موعد مع مجزرة هي الأفظع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى نهاية القرن العشرين، وهي مذبحة “سربرنيتشا” على أيدي القوات الصربية المجرمة التي قتلت نحو 8 آلاف شخص، بعد أن قامت ـ وبشهادة جنود الأمم المتحدة نفسها ـ بفصل الرجال والصبية عن بقية سكان المنطقة، وتم إعدام الآلاف منهم في عدة أيام فقط ودفنهم بعشرات المقابر الجماعية، مما دفع أبناء المدينة إلى الفرار منها.
وفي عام 2008، وبينما كان الرئيس الأميركي باراك أوباما منغمسًا في حملته الانتخابية الأولى، صرح قائلاً “لا مغامرات لرعاة البقر مرة ثانية، لا تحركات من جانب واحد، لا غوانتانامو بعد اليوم. يمكننا أن نسمو عن طريق العمل الدبلوماسي إلى مستوى أخلاقي أعلى، أيد نظيفة، ضمير لا يؤرقه شيء، القوة الذكية”.
هو تصريح كان ينبئ عن أن أكبر قوة في العالم ستحول دون وقوع مجازر أخرى أو السماح بمغامرات لمجرمي حروب آخرين، وأن الدبلوماسية ستكون فاعلة في حل أزمات العالم قبل أن تصل لمرحلة لا يمكن التحكم فيها، إلا أن الواقع صار عكس ذلك تمامًا، إذ زاد حجم الممارسات الوحشية ووصلت بمداها إلى حد تدمير كيانات دول، وتقطيع أوصال شعوب كما حدث في أفغانستان والعراق، إلى أن وصلنا إلى ما يحدث الآن في مدينة حلب السورية، حيث يتعرض أهلها للإبادة والقصف العشوائي بمختلف أنواع الأسلحة والصواريخ والبراميل المتفجرة منذ نحو عام حتى الآن، محاصرين غير قادرين على الحصول على المواد الغذائية والطبية ويتعرضون للموت السريع إن لم يكن بفعل الصواريخ والقصف، فبسبب هذا النقص في الغذاء والدواء والمعونات الإنسانية وعدم وجود مستشفيات لعلاج المصابين والجرحى بعد أن تحولت معظم مستشفيات المدينة لركام، ولم يتبق من الأطباء إلا القليل.
إن ما تتعرض له حلب اليوم من اعتداء همجي وتدمير كلي على يد روسيا والنظام السوري في ظل هذا الصمت الأميركي، وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، ولا يقل بشاعة عما تعرضت له مدينة “سريبرينيتسـا” قبل 31 عامًا، ويؤكد أن عهد المذابح والمجازر الوحشية بحق العرب والمسلمين لن ينتهي ما لم نكن نحن أصحاب الفعل والمبادرة والتأثير في هذا النظام العالمي الذي لا يرضخ إلا للقوي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية