من يستمع لحديث الرئيس الإيراني حسن روحاني في مؤتمر صحافي عقد مؤخرا بنيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 71، وهو يلقي اللوم على الولايات المتحدة الأميركية، يخلص إلى أن الرجل يشعر بحسرة من عدم تغير الوضع في بلاده للأفضل كما كان متوقعًا بعد توقيع الاتفاق النووي في يوليو 2015 الذي جعل الشخص نفسه يبدو مزهوًا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ذلك العام، ليعلن أن إيران باتت على أعتاب علاقة جديدة مع أميركا والعالم.
روحاني كان محقًا في تفاؤله السابق حيث كان التوصل لهذا الاتفاق بحد ذاته نصرًا مؤقتا لبلاده في التفاوض مع الدول الكبرى وأدى لخروج مسيرات للتعبير عن فرحتها بالتوصل لهذا الاتفاق الذي لبى جزءا من الطموحات في مجال السلاح النووي، إلا أنه يكفيهم أن الاتفاق كان غامضًا بما فيه الكفاية للتهرب من أية التزامات.
وروحاني كان محقًا أيضًا عندما عبر عن حسرته للفشل في تنفيذ الالتزامات الواردة في الاتفاق النووي، حيث أجلت واشنطن تراخيص لمعاملات تجارية ومنعت بلاده من الوصول إلى المصارف الأميركية.
إلا أن الذي لم يفهمه روحاني – أو يلف ويدور بعيدًا عنه - أن طهران هي التي تسببت في عدم تفعيل هذا الاتفاق أو الهروب من تنفيذ بعض بنوده في ظل استمرار السياسات الإيرانية العدوانية تجاه دول المنطقة، وتورط إيران بشكل مباشر أحيانًا كما في العراق وسوريا، وغير مباشر أحيانًا أخرى كما في اليمن.
فرغم أن الاتفاق كان فرصة سانحة لإيران للعودة الطبيعية للمجتمع الدولي والانخراط بإيجابية في قضاياه ولكي تقوم بدور مهم في معالجة أزمات المنطقة، إلا أن إيران اعتبرت هذا الاتفاق بمثابة تفويض لإدارة شؤون المنطقة وفق رغباتها وبما يحقق مصالحها دون أدنى مراعاة لمصالح الآخرين، بل دون التقيد بالأعراف والقوانين ومبادئ العلاقات الدولية، وظنت أن الاتفاق سيتيح لها التحكم في المنطقة ومقدرات دولها وشعوبها فكان سببًا لتفاقم مشكلات المنطقة ودخولها في مراحل أكثر صعوبة وأشد تعقيدًا.