العدد 2860
السبت 13 أغسطس 2016
banner
الأخطاء الطبية... المشكلة والحلول
السبت 13 أغسطس 2016

لجان التحقيق وإجراءات المحاسبة عن حوادث الوفاة نتيجة الأخطاء الطبية، يجب ألا تقتصر على محاسبة الجاني، وإنما إصدار وتنفيذ قرارات لإصلاح الأنظمة والإجراءات وربطها بأنظمة الرقابة والوقاية والجودة داخل المؤسسات الطبية.
سمعنا عن وجود تسيب في البرامج التدريبية المتعلقة بالحصول على شهادة “البورد العربي”، مما يؤدي الى تخريج أطباء غير مؤهلين، فبعض الأطباء لم يجتز ربع متطلبات الشهادة، فأين أنظمة الرقابة بالمؤسسات الصحية!!
دائما ما تكشف لجان التحقيق عن وجود اهمال وتقصير أدى لوقوع الحادث، وفي الغالب تتخذ إجراءات فورية لترقيع المشكلة لا معالجة أسباب وقوعها تجنباً لتكرارها. والسؤال هل يوجد نظام رقابي يتابع تنفيذ الحلول الجذرية وعلاج القصور بعد وقوع الحوادث.
مؤسساتنا بحاجة الى ثقافة الاعتراف بالخطأ ومخاطبة الرأي العام بكل شفافية عند وقوع الحوادث، وعرض خطة علاجها للجمهور، سياسة الهروب والترقيع وتقاذف المسؤوليات لن تجدي اليوم، حيث تتصدى لها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي كاشفة الخلل في أداء المسؤولين والمؤسسة، حينها يبدو جلياً مدى نجاح أو فشل المؤسسة في علاج المشكلة.
وفاة شابتين نتيجة أخطاء طبية إحداهما في مستشفى خاص، والأخرى في مستشفى السلمانية، تكشف بوضوح وقوع إهمال وتقصير، الأولى دخلت المستشفى بسبب صداع ونتيجة التشخيص والعلاج الخاطئ دخلت في غيبوبة ثم توفت. والثانية بسبب عارض صحي بسيط، تلقت جرعة غير مناسبة من المضاد أدى الى وفاتها. فكم مريضا معرضا لمثل هذا الأهمال والتخبط في التشخيص والعلاج؟
مؤخرا أمر سمو رئيس الوزراء الموقر بتشديد الرقابة لمنع وقوع الأخطاء الطبية، وتم عقد اجتماع “بهيئة المهن الطبية” لوضع برنامج اعتماد ساعات التعليم المهني المستمر وربطه بتجديد التراخيص الطبية. وأرى الحاجة ملُحة لنظام التأمين على الأخطاء الطبية، وعلى المجلس النيابي أداء دوره حيال ذلك، لضمان حق المريض المتضرر وحفظ حقوق الطبيب وحمايته أثناء تأدية عمله، مما يعزز تطبيق أنظمة المنشأة الصحية معايير الجودة والسلامة والحد من الأخطاء.
نحتاج لتطوير وتفعيل أنظمة الرقابة والجودة والوقاية في المؤسسات الصحية الخاصة والعامة وفق قوانين وبشكل جدي، وعلى “هيئة المهن الطبية” القيام بهذا الدور بصورة شاملة ودقيقة. ما ينشر حالات قليلة وهناك حالات كثيرة لا يبلغ عنها.
الخطأ الطبي يحدث في أفضل الدول المتطورة بأنظمتها الصحية، لكننا نفتقد لوجود وتفعيل مثل هذه الأنظمة، ويشير أحد الباحثين عن واقع الأخطاء الطبية في البحرين، الى أهمية وجود أطباء بدرجة مستشارين وأطباء شرعيين من النيابة العامة والداخلية في اللجان المختصة لتحديد الخطأ الطبي ومسؤوليته بشكل موضوعي وضمان عدم الانحياز، وضرورة تحسين الكادر الطبي، وإضافة مواد قانونية في قانون العقوبات البحريني خصوصا الأخطاء الطبية وتدريسها لطلبة الطب، وتثقيف المجتمع بالفرق بين الخطأ الطبي وبين المضاعفات الطبية. ووضع قوانين صارمة تعاقب الطبيب ومن يشترك معه اذا ثبت وقوع الخطأ نتيجة الإهمال والتقصير والتهاون في أرواح الناس. نأمل تحقيق ذلك.
على “هيئة المهن الطبية “ رصد الأخطاء ودراسة الإجراءات المعمول بها في المستشفيات وتقييم خبرات الطواقم الطبية وظروف عملهم للوقاية من حدوث الأخطاء والسيطرة عليها.
إلى جانب نشر الوعي بحقوق المريض وترسيخ مبدأ الشفافية في رصد الأخطاء، فالتقييم الدوري والإجراءات الإصلاحية والوقائية حتما ستنقذ أرواح الناس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية