العدد 2853
السبت 06 أغسطس 2016
banner
فتح الأبواب واقع أم شعار
السبت 06 أغسطس 2016

أن تحرص بعض الوزارات على تخصيص أوقات محددة لاستقبال المواطنين والمراجعين لحل مشاكلهم فهذا ما كان يطالب به من ضاقت بهم السبل في أروقتها. فالكثيرون يجأرون بالشكوى من أنّ معاملاتهم تبقى تحت وطأة الروتين لفترات طويلة دون حل. انتهاج الأبواب المفتوحة كان مطلبا ملحا لتلمس الشكاوى ومن الجهة الأخرى يعد مؤشرا لقياس جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
ما يأمله المواطن أن لا تتحول الأبواب المفتوحة لمجرد ظاهرة دعائية لهذه الوزارة أو تلك. الملاحظ أنّ هناك وزارات وهيئات حكومية أعلنت عن فتح مجالسها الشهرية أو الاسبوعية وكانت فرصة للمواطن للالتقاء بالمسؤول وجها لوجه لعرض المشكلة لكن سرعان ما شعر المراجعون بالصدمة وخيبة الأمل المريرة لعدة أسباب اهمها انّ هذه المجالس اضحت اشبه بديوانيات الفريج لتمضية الوقت في احاديث لا تمت لعمل الوزارة بصلة. المترددون على المجالس اكتشفوا أنّ ما يدور داخلها من أحاديث وقضايا في أغلبها بعيدة عن ما أشيع حولها من أنّها ستصبح قنوات للاتصال المباشر مع المواطن، فالذي اتضح انّ الوجهاء هم من يتصدرون المجلس بينما أصحاب القضايا لا تتاح لهم الفرصة لعرض قضاياهم الاّ في اضيق الحدود.
لسنا نختلف في أنّ نهج الباب المفتوح إنما يجسد أسلوبا إداريا ناجحا ويعكس ثقافة متجذرة في مجتمعنا منذ امد بعيد، اذ كانت القضايا فيما مضى من السنين تعرض أمام صاحب الشأن دون وسيط. وهذا يتيح للمسؤول الوقوف على ابعاد المشكلة وتفاصيلها حتى يتمكن من إيجاد حل لمعاناة المواطن. إنّ المسؤول الذي يفتح بابه للمواطن يشعرنا بأنه جدير بالأمانة الموكلة اليه، اما الذّي يمارس النقيض فبكل تأكيد يعطي الانطباع بأنه مسؤول فاشل وغير جدير بالثقة التي تعد أمانة كبرى.
ونتذّكر أنّ التوجيهات الصادرة من سمو رئيس الوزراء ولمرات عديدة صريحة بضرورة جعل الاتصال بالمسؤولين متاحا والأبواب مفتوحة لأنها تعزز الشراكة المجتمعية وتجذر قيم التواصل اضافة الى انها تزرع الثقة في نفس المواطن بأنّ هناك من ينصت لهمومه ويحدوه الأمل بأنّ مشكلته في سبيلها الى الحل.
 ما يجب أن يدركه من هم في موقع المسؤولية أنّ المنصب أمانة لا يجب التفريط ولا التهاون فيها بأي حال. والمقولة الذائعة “حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم” دليل على ثقل المسؤولية. الظاهرة االشاخصة التي لا يخطئها احد انّ هناك من يتعمد تعطيل مصالح الناس بدعوى المشاغل أو الاجتماعات وغيرها من اعذار مختلقة للتنصل من اعباء المسؤولية، وهذا بالطبع غير منطقي وغير مقبول.
نهج الباب المفتوح لا يمكن اختزاله في لقاء المسؤول وجها لوجه فحسب ثم يمضي كل الى حال سبيله، مثل هذا الفهم المبسط يفرغ النهج من قيمته ومدلولاته الكبيرة التي ينطوي عليها، بل انّ المطلوب بإلحاح فتح آذان كل من انيطت بهم المسؤولية الى التعاطي بجدية مع قضايا المراجعين وتقصي الأسباب المفضية الى تعطيل المعاملات.
 وبكلمات مختصرة، على جميع الوزارات والهيئات الحكومية فتح المزيد من القنوات لتسهيل الإجراءات، ولا نعتقد أنّنا نطلب المستحيل عندما نتمنى من الموظفين مقابلة المراجعين بابتسامة، وأخيرا نرجو مخلصين أن لا يتحول الباب المفتوح الى مجرد دعاية لهذه الوزارة او تلك أو شعار استهلاكي. والشاهد أمامنا مجلس إحدى الوزارات الذي كان طابعه المجاملات الصرفة الى الحد الذي جعل من تردد عليه يشعر بالأسف لما أهدره من وقت.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية