العدد 2849
الثلاثاء 02 أغسطس 2016
banner
ظاهرة تقاعد الأطباء
الثلاثاء 02 أغسطس 2016

ما أعلنه الوكيل المساعد لشؤون المستشفيات في وزارة الصحة عن نقص في عدد الاستشاريين بمستشفى السلمانية لم يكن جديدا ولا مفاجئا لنا ولا للمراجعين من المرضى. أساس المعضلة التي نحن بصددها أنّ بعض الكوادر الطبية وبالتحديد الاستشاريين، قرروا التقاعد من المهنة وتفرغوا لعياداتهم الخاصة. قد يتصور الكثيرون أنّ خيار التقاعد بالنسبة للأطباء مسألة طبيعية لمن ناهزت خدماتهم الثلاثة عقود أو أقلّ، لكن الذي يغيب عن الأذهان وما لمسناه أنّ استشاريين قضوا في الخدمة ربع قرن وآخرين ثلاثة عقود تقدموا للتقاعد المبكر وكانت المفاجأة التي لم تخطر لأحد منهم أنّ رد الوزارة الاستجابة الفورية!
ما يبعث على الدهشة أنّ الموافقة على تقاعد الاستشاريين مرّت دون مناقشة الاسباب التي دفعتهم وكأنّ تقاعدهم مسألة اعتيادية لا تستدعي التوقف أمامها. رغم ما يترتب عليها من بقاء موقع الطبيب فارغا، إضافة الى أنّ العشرات بل المئات من المرضى أصبحوا بلا أطباء.
إننا نتساءل ويشاركنا المئات من المراجعين لمستشفى السلمانية هذا التساؤل، هل من المنطقي أن يقابل طلب تقاعد أحد الاستشاريين بالتجاهل؟ يقول أحد هؤلاء الاستشاريين عندما طلبت التقاعد والتفرغ للعمل في عيادتي كان في ظنيّ أن يؤجل تقاعدي الى حين أو تحاول الوزارة على اقلّ تقدير مناقشتي في أسباب التقاعد بيد أنّ المفاجأة أنها مرت دون بحث أو حتى طلب البقاء حتى أشهر. مما يضاعف من حجم المعضلة أنّ المترددين علي من المرضى بالسلمانية عند المراجعة لم يجدوا الطبيب البديل. ألا يشعرنا مثل هذا التصرف بما يحدث في الوزارة من تخبط أو ارتجال أو كليهما معا؟
لا نعتقد أنّ القضية خاصة بالاستشاري المذكور وحده بل إنّها تضم آخرين لم يجدوا من يقدر خدماتهم فكان الخيار أمامهم العمل الخاص إمّا في عياداتهم أو المستشفيات الخاصة.
لماذا التفريط في الخبرات والكفاءات بهذه السهولة؟ ولماذا يجري التعامل مع ذوي الخبرة بهذا الأسلوب ثم نرمي على رؤوسهم كل أخطائنا وعاهاتنا؟ ألا تستحق مسألة بهذه الأهمية أن نتوقف أمامها ونعالجها بما تستحق من أهمية؟ أليس من حق الطبيب ان نناقشه في قضية بالغة الاهمية كالتقاعد؟ الظاهرة - ونعني بها تقاعد العشرات من الأطباء في الأعوام الأخيرة - ليست طبيعية حتى يمكن التغاضي عنها. وأطباؤنا ممن اثبتوا اخلاصهم وكفاءتهم في اقدس مهنة على الاطلاق ليسوا بحاجة الى الدفاع عنهم. ثم إنّ الذّي نحن متأكدون منه أنّ المستشفيات الخاصة تستقطب الكثير منهم للعمل لديها إيمانا بقدرات هؤلاء الأطباء وما يملكونه من خبرة وكفاءة. ونحن على علم أكيد بأنّ بين الاستشاريين من قاوم العروض المقدمة من المراكز الطبية الخاصة داخل المملكة وخارجها استشعارا منهم برسالتهم النبيلة وأنّ المواطن احق بخدمتهم ولأنّ الغالبية من المرضى ليس باستطاعتهم دفع التكاليف العالية في الطب الخاص.
إننيّ على ثقة بأّن فئة من الاستشاريين قد تتراجع عن رغبتها في التقاعد لو أنّ مسؤولا بحث في الأسباب التي أملت عليهم الخروج من المهنة. ربما يعترض البعض انّ لدى بعضهم طلبات وبدورنا نقول وما الضير في هذا؟ لنجلس معهم ونناقشهم فيها وهذا حقهم الذي لا يجادلهم فيه أحد، وتلبيتها إذا كانت تنسجم مع القانون، ولا نعتقد أنّ طلباتهم مستحيلة!
 إنّ الحلّ الذّي اعتمدته الوزارة إزاء طلبات التقاعد مثل صدمة للأطباء والمواطنين جميعا، وآن الأوان للوزارة أن تراجع أسلوب التعامل مع الكوادر الطبية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية