العدد 2853
السبت 06 أغسطس 2016
banner
العراق الموحد على أشلاء الجثث
السبت 06 أغسطس 2016



عندما تثبت الأرقام والوقائع أن الدولة العراقية الاتحادية فاشلة بامتياز يبدو كل المتمسكين عن طيبة قلب بالوحدة الوطنية المزعومة، لا المتاجرين بها، كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال، بل يرفضون أي حل بما في ذلك التقسيم الودي الذي يمكن أن يحفظ دماء وأرواح ملايين العراقيين التي تذهب ضحية الحرب الخرافية وأطماع القوى الإقليمية وأيضا العائشين على السحت الحرام والفساد المستشري.
 مؤشر منظمة الشفافية يضع العراق في المرتبة 161 للفساد في قائمة تضم 168 دولة، وبعثة الأمم المتحدة (اليونامي) تعلن عن حصيلة القتلى والمصابين جراء اعمال العنف والتصفيات الجسدية في العراق ولشهر تموز 2016 فقط والتي بلغت (2119) قتيلا ومصابا دون ضحايا الانبار، مؤكدة ان بغداد (العاصمة) كانت الأكثر تضررا اذ بلغ مجموع الضحايا فقط لشهر تموز (1400) مواطن، هذا في الوقت الذي اكدت فيه الأمم المتحدة عن وجود (85) الف نازح ومهجر من الفلوجة وحدها دون بقية مناطق الأنبار وديالى وأنحاء مختلفة من العراق، وطالبت المجتمع الدولي بتقديم العون لهم، فيما وصفت هيئة برنامج الأغذية العالمي التابعة للأمم المتحدة أن وضعهم: تنفطر له القلوب.
كل هذا بالإضافة الى ما ورد في جلسة استجواب وزير الدفاع العراقي من فضائح تزكم الأنوف وتتعلق بفساد الطبقة العليا من الساسة الحاكمين الذين دمروا العملية السياسية والمشروع الديمقراطي وكل مقومات الوحدة الوطنية، ولعل التهديد الأخير لأحد النواب العراقيين بسحل زملائه من النواب الكورد في شوارع بغداد دليل آخر على ما وصل اليه الانقسام المجتمعي والتشظي الوطني والتدمير الممنهج للعملية السياسية ومقومات الهوية الوطنية وإغراق البلاد في بحور من الدماء والدموع وأشلاء الجثث.
 لقد آن الأوان لأن تواجه القوى الوطنية الديمقراطية حقيقة الوضع القائم دون رتوش وأن تعمل من اجل انقاذ ما يمكن إنقاذه بمنح كل مكون حقه المشروع في الحياة الحرة الكريمة والأمان والاستقرار وحرية تقرير مصيره بنفسه احتراما للأرواح البريئة التي تزهق دون رادع واحتراما للكرامة الإنسانية التي تسحق تحت اقدام المهووسين الطائفيين والفاسدين والمتاجرين بالشعارات الوطنية الذين يسوقون مئات الآلاف من العراقيين الى حتفهم المأساوي غير مهتمين لا بلعنات العراقيين ولا بلعنات التاريخ، هذا التاريخ الذي سيذكر أيضا أن القوى الديمقراطية في العراق لم تبذل أي جهد حقيقي لإنقاذ حياة ومستقبل مواطنيها وأنها بقيت كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال. إيلاف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .