العدد 2826
الأحد 10 يوليو 2016
banner
الأمن الوظيفي وأهميته الاجتماعية
الأحد 10 يوليو 2016

إن للعامل قوانين تحميه من جميع أنواع المخاطر، وأهميتها أن تبعده عن المخاطر الاجتماعية من خلال الاستقرار الأُسري والاستقرار النفسي والذي بدوره ينعكس على إنتاجيته في العمل وهذا ينطبق على جميع أنواع ودرجات الوظائف.
من الطبيعي أن يحاول العامل أو الموظف أن يبحث عن الاستقرار الوظيفي لذلك نرى الأغلبية يبحثون عن العمل في المؤسسات الحكومية أو في كبرى الشركات الخاصة حتى لو نقص دخلهم والسبب رغبتهم الحصول على ما يسمى الأمن الوظيفي الذي يضمن لهم الاستمرارية والاستقرار الاجتماعي ويكون الموظف المثابر متفرغا للإنتاجية في عمله.
ولكن عندما نرى ما يحصل اليوم من إجراءات في حق من يشار لهم بالبنان، والجميع يشيد بهم في إنتاجية عملهم، وأمام مرأى ومسمع الجميع ولا نجد من يساندهم ضد ما حصل ويحصل لهم من تجن ومحاولات لقطع أرزاقهم، حيث وصل بحال مجتمعنا إلى درجة من عدم اكثراث المسؤول عن هذه التجاوزات المجحفة بحق موظفين أخلصوا لعملهم ووطنهم وتمكنوا من الوقوف صامدين أمام الرياح الصفراء التي كادت تأكل الأخضر واليابس وكل هذا التعسف بحقهم بسبب إمكانياتهم الكبيرة في تطوير إنتاجية عملهم وعدم قبولهم السير في درب من هم أعلى منهم في هذه المؤسسات.
سوف أجيز الحديث في قصتين، الأولى في مؤسسة حكومية والثانية في أحد أهم الصروح الاقتصادية في مملكتنا العزيزة. حيث كانت القضية الأولى قد بدأت قبل أكثر من ٧ سنوات بعد أن تم انتداب موظف لشغل عمل في إدارة أخرى عن إدارته لكفاءته وتمكنه من عدة لغات حيث كانت هذه الإدارة بحاجة ماسة لِمن لديه لغات وكفاءات إدارية جيدة وبالفعل عمل وطور هذا الموظف في هذه الإدارة وعليه تم ابتعاثه للدراسات العليا حيث تمكن من نيل الدبلوما والماجستير بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف ومع العلم كان مضمون بحث الطالب في كيفية تطوير إدارته ولكن تفاجأ الموظف أن إدارته تعمل على إفشال دراسته وعليه طلب مدير هذه الإدارة نقل الموظف إلى أية إدارة أخرى خوفاً من أن يتمكن هذا الموظف من الوصول لكرسي مدير الإدارة ولم يكتفوا بذلك حيث كان الموظف ملاحقا من قبل بعض المسؤولين في هذه المؤسسة الحكومية بخلق المكائد والشكاوى الكيدية إلى أن وصل به الحال أن يفصل من عمله وكل ذلك من دون وجه حق ومن غير الالتزام بالقوانين والأنظمة بالرغم من تقديم الموظف جميع أنواع التظلمات ولكن كان جلياً أن هناك خلافات شخصية بين المسؤول على المؤسسة وأحد أقرباء الموظف وكان هذا الموظف هو كبش الفداء.
أما القصة الثانية فحدثت في مؤسسة اقتصادية في البلاد حيث بدأ الأمر قبل ٣ سنوات تقريباً عندما تم تعيين أحد أكفأ المتقدمين للمنصب الأول فيها، وبعد أن تمكنت الجمعية العمومية بهذه المؤسسة من أن تتخلص من الموظف الذي كان يشغل نفس المنصب الأول لسوء إدارته لهذا الصرح الاقتصادي، تفاجأ الموظف الأول من “الخربطة” الموجودة في المؤسسة.
وبعد فترة وجيزة بدأت الافتراءات، على الموظف الذي كان يهدف لتصحيح مسار عمل إدارة المؤسسة، لتشويه سمعته، ومن سوء الطالع أنه تم منعه من الرد على الافتراءات حيث كان الهدف إزاحة هذا الموظف لكي تصفى لهم الساحة للسيطرة التامة على صرح اقتصادي كبير ولكي يتسنى لهم الحصول على أكبر المكاسب.
خلال عامين تمكنوا من النيل من الموظف الأول وإنهاء خدماته بالرغم من معرفة الجميع إخلاص الموظف المعني لعمله ووطنه حيث تمكن من أن يصل بالجهاز الإداري للمؤسسة إلى مصاف المؤسسات العالمية وأن يعيد البهجة في قلوب موظفيها بعد أن كانوا محبطين منذ فترة إدارتها السابقة وتمكن أيضاً من أن يعيد احترام جهازها الإداري أمام منتسبيها وكثرت إشادات متابعي فعاليات هذا الصرح الكبير للموظف الأول ولكن مع الأسف الشديد لم يحصل على من يسانده في كشف حقيقة المتآمرين على المؤسسة الاقتصادية بالرغم من معرفة الجميع ما يحاك لهم.
 هناك قصص مشابهة كثيرة جداً وعلى مستويات مختلفة وللأسف ليست هناك أية جِهة من الممكن أن تبحث في هذا الشأن ما أدى إلى وصول الموظفين لقناعة عدم وجود من يحميهم من بطش الآخرين وهذا بالطبع انعكس على إنتاجية الموظف وقتل فيهم فكرة الإبداع الذي من دونها لن تتقدم الدول للأمام ولذا نقول بوجوب فرض مبدأ الأمن الوظيفي في جميع قطاعات العمل وأن يكون هناك قانون واضح لتطبيق هذا المبدأ وأن يكون جزءا أساسيا من قانون العمل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .