+A
A-

مواطنات ل “البلاد”: المطالبة بقوانين رادعة لوقف مسلسل “خرج ولم يعد”

البلاد - بدور المالكي
مازال مسلسل الهروب الكبير للخادمات يتسع في أبعاده، ويتنوع بقصصه، وقد يصل مرحلة لن ينفع فيها الحديث، وإنه آن الأوان لوضع حد للتسيب الذي بانت ملامحه واضحة في الشارع البحريني؛ بسبب عدم التزام البعض، ولأسباب واضحة ويعرفها الجميع، وهي عدم وجود قوانين رادعة وحاسمة لمن يتستر وراء هذه “الجرائم” سواء أكانت مكاتب “جلب وتشغيل” العمالة الوافدة، أم مواطنين أو مقيمين، أو الشركات التي تقوم بتوظيف الهاربات والهاربين من المنازل مثل الخادمات، أو الطباخات، أو السواق أو عاملات الصالونات، وهناك الكثير غيرهم من الفارين أو من أصحاب “فري فيزا” الآسييوين الذين أصبحوا يتجولون في فرجان وشوارع المنامة من دون أي خوف أو رادع.
ولقد تلقت “البلاد” العديد من الاتصالات في الأيام الماضية، تؤكد أن بعض مكاتب جلب العمالة الوافدة وتشغيلها هي من تقوم بتحريض “الشغالات” على الهرب، بل إن بعضها يتفق معهن في هذه “الجريمة”، وهم من يقوم بتوفير العمل الجديد لهن، سواء أكان في شركات أم منازل أخرى، أو كعاملات نظافة، أو جليسات ومرافقات لكبار السن، أو من خلال العمل بنظام الساعات، والذي أصبح يدر مبالغ كبيرة على المكاتب، وأصبح منتشرا بالبحرين في الفترة الحالية.
والإعلانات عن “شغالات” بالساعة متوفر وموجود في كل مكان، سواء على وسائل التواصل الاجتماعي، أو على المحلات والشوارع، والنتيجة شركة يهمها الربح فقط، ولا يهمها مواطن صرف “دم قلبه” لإحضار “عاملة”، و”عاملات وشغالات” شابات ومسنات يحلمن “بالانفلات” الذي كن محرومات منه بسبب الالتزام الذي فرضه عملهن مع الأسر، والذي دخلن إلى المملكة بسببه، ويصبح عملهن الانتشار والتجول في شوارع المنامة؛ لاقتناص “فريسة” أو للتردد على الأماكن التي قد تستفيد منهن في أمور أخرى، ولكن وللأسف قد تنتهي رحلتهن إلى شقق الدعارة، والتي تقف وراءها “عصابات مجهولة”، وقد تم ولأكثر من مرة من خلال عمل رجال الداخلية المتواصل من العثور على عدد من العاملات الهاربات في شقق للدعارة أو في الفنادق؛ لأنهن يعتبرن وجودهن بالبحرين فرصة لا تعوض، وعليهن استغلالها بالطرق كافة؛ لكسب المزيد من الأموال.
وقد اتصلت العديد من البحرينيات؛ لتقديم الشكوى بشأن ظاهرة هروب عاملات المنازل، وتحدثن عن قصص حقيقية قد لا يصدقها العقل أبدا، وأكدن لـ “البلاد” أن القوانين المعمول بها في البحرين لا تقف في صف المواطن فيما يخص هروب عاملات المنازل، بل على العكس تقف ضده، ودائما ما يتم تصديق ما تقوله “الشغالات”، ويتم الاستهزاء بأقوال المواطن، والقوانين تجبر المواطن على شراء تذكرة السفر بعد أن يتم العثور على “الهاربات”، وفي أحايين كثيرة قد تكون الشغالة لم تمض في بيت مكفولها شهرا أو شهرين منذ حضورها، وهو الذي قد صرف ربما كل تحوشيته لإحضارها، ويتم تحميل المواطنين تكاليف تذاكر السفر للعاملات الهاربات بعد العثور عليهن، في الوقت الذي أشار فيه مواطنون أن على الشغالة التي هربت أن “تتكفل” بتذكرتها، كعقاب لجريمة الهرب، وأن يتم وضع اسمها والمعلومات الخاصة بها “الداتا” على اللائحة السوداء؛ حتى لا تستطيع دخول البحرين مرة أخرى حتى وإن غيرت جواز سفرها، مشيرين إلى أن العديد من الشغالات وبعد تسفيرهن يحضرن مرة أخرى بجوازات أخرى، مؤكدين أن دول مجلس التعاون تقف مع المواطن في ذلك، ومن أجله تعد البحرين أكبر دولة في “الهروب” الجماعي “للشغالات”.
وأكدت أم عبدالله من المحرق أن للمواطن دورا كبيرا في انتشار هذه الظاهرة؛ لأن هناك أسرًا بحرينية تساعدهن للعمل بدوام جزئي أو كلي في بيوت، أو شركات بعد هروبهن من المنازل التي جلبتهن للعمل في بيوتهم.
وتروي قصتها مع “الشغالة” الفلبينية التي أحضرتها براتب 150 دينارًا، والتي هربت للسفارة التي زودتها بتلفونها عند حضورها البحرين، لتتصل بها عند الحاجة، وعندها أخبرتهم السفارة بضرورة شراء “موبايل” حديث بدل تلفونها القديم؛ لأنها بحاجة إلى جهاز يحتوي على التطبيقات الحديثة؛ حتى تستطيع الاتصال بابنها المريض، ولم نستطع فعل أي شيء أمام “حزم السفارة” بأننا نمارس “أعمالا” ضد قوانين حقوق الإنسان، وحرمانها من “الموباييل، عمل يصب في هذا الجانب، وأن السفارة قد تقاضينا أذا تكرر الأمر، وبالفعل ذهبنا فورًا لشراء “الموبايل”، وأصبحت تستخدم كل برامجه، وتقضي معه وقتا أكثر مما تقضيه في أعمال المنزل، لتهرب بعد شهر من شراء الموبايل، واختفت فترة لم نترك فيها مكتبًا أو مكانًا قد تتواجد فيه إلا وذهبنا له، حتى كان يوم عرس ابني في أحد الصالات المعروفة بعد سنة ونصف السنة، لنجدها بزي العمل هناك، وتعمل كرئيسة لطاقم الضيافة، كانت صدمة كبيرة، ولكن هذا لم ينه القصة، فقد أجبرنا وضمن القوانين المعمول بها بالحكومة إلى دفع تذكرة السفر لها حتى يتم تسفيرها إلى بلدها، وعندما اعترضنا في البداية على عدم الدفع، اخبرونا بأنه من الأفضل الدفع، وإلا سنواجه العقوبة، والتي نجهلها.
وبحسرة تقول: كيف ندفع تذكرة لها، وقد هربت ولم تعمل لدينا سوى شهرين، وتضيف أن القوانين المعمول بها في البحرين لا تقف في صف المواطن فيما يخص هروب عاملات المنازل، إذ يتحمل المواطن وزر هروبهن من خلال تحميله تكاليف تذاكر السفر بعد العثور عليهن.
بينما تقول أم يوسف من منطقة الرفاع: أحضرت عاملتي الإندونيسية منذ شهر، وذلك بعد 6 أشهر من المتابعة مع المكتب ودفع المصاريف، وكنا طيبين معها إلى أبعد الحدود، ولكنها هربت مع حلول شهر رمضان، وقمنا بتسجيل بلاغ في هيئة تنظيم سوق العمل، وقدمنا شكوى لمركز الشرطة، وذهبنا للمكتب مرات ومرات، والذي نفى معرفته بأمرها، وخلال هذه الرحلة عرفت أن مشكلة هروب “الشغالات” منتشرة في البحرين، في المكتب الذي أحضرت منه العاملة تفاجأنا بوجود أسر بحرينية تشتكي أيضا من هروب “عاملاتها”، ويعانون المشكلة نفسها، بل لاحظت ازدياد معدل هروب عاملات المنازل، ولاحظت وجود خادمات في مكاتب الاستقدام يتصرفن وكأنهن في بيوتهن، ويمارسن حياة يومية عادية، وكأن المكتب أصبح “فندق” لاستضافتهن، فصاحب المكتب يتودد لهن، ويحضر لهن كل احتياجاتهن، مؤكدة أن هذا يعود إلى وجود بعض المكاتب التي تحولت إلى أوكار و”عصابات” تشجع العاملات، بل وتحرضهن على الهروب، حيث تدير هذه المكاتب توفير خدمة عاملة منزل بالساعة وبشكل سري، حيث يقوم المكتب وبعد الاتصال به إلى جلب العاملة للمنزل وتسلمها بعد المدة المتفق عليها، وتشترط هذه المكاتب عدم السماح للعاملة بالخروج من المنزل طوال الفترة المتفق عليها، والأمر واضح للجميع أن هذه المكاتب تروج لعمل الخادمات بالساعة، وهو عمل “مردوده” وفير وربحه كثير، ونحن نعرف أن هذه المكاتب تعتمد بالدرجة الأولى على العاملات اللاتي يهربن من المنازل بالساعة.
وناشدت أم يوسف وعدد من البحرينيات الحكومة إلى ضرورة الإيعاز للجهات المعنية بالاهتمام بهذه القضية التي أصبحت تؤرق المواطنين والمقيمين، وخصوصا بعد زيادة عمليات الهروب، وزيادة انتشار الجهات والمؤسسات التي تعلن عن “عاملات الساعة”، ووجود إعلانات لجهات عدة تنشر إعلانات في أكثر من مجلة وصحيفة عن إمكان توفير عاملات منازل، مشيرات أنهن يعملن من دون أن تكون عليها أي رقابة، مؤكدات ضرورة تنظيم حملات رقابة وتفتيش ومداهمة لبعض المكاتب التي تأوي “العاملات”، وتسهل أو تحرضهن على الهروب، مطالبات مختلف الجهات المعنية باتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من هذه الظاهرة التي يقع ضحيتها المواطن، في حين أن القوانين تصب في صالح عاملات المنازل، كما أن المواطن هو من يتحمل التكاليف المالية بدءاً من جلب العاملة، وحتى حين هروبها من المنزل والعثور عليها، حيث يتحمل تكاليف سفرها إلى بلادها، مشيرات إلى أن هناك بعض الأسر والعوائل تسيء إلى العاملات لديهن، وأن العديد من المكاتب يديرها بحرينيون ملتزمون ويتعاملون بنزاهة كبيرة مع المواطنين.