العدد 2790
السبت 04 يونيو 2016
banner
لهم الله... المتعثرون
السبت 04 يونيو 2016

منذ سنوات وهناك مجموعة كبيرة من المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة في قطاعات عمل مختلفة، من تجار، ومقاولين وحتى صناعيين في  البحرين، نسمع أنينهم ونرى قصصهم ومشاكلهم دون تقديم العون لهم إلى أن تحول أنينهم إلى الصراخ والمناداة لِمن يسعفهم قبل إفلاسهم وسجنهم وتشتيت أسرهم وضياع مستقبل أولادهم.
سوف أسرد لكم قصة أصحاب الأعمال المتعثرة في البحرين ولكن دعوني قبل هذا أشير لأهمية هذه الفئة من الشارع التجاري ومدى حجم الضرر الذي سيقع على اقتصاد البحرين كلما تهاوت وأفلست مجموعة من صغار التجار.
على مدار 6 سنوات ومن خلال التصريحات الرسمية لِوزارة الصناعة والتجارة وجدنا أن هناك تحولات خطيرة في الشارع التجاري حيث كانت فئة مؤسسات متناهية الصغر لا تتجاوز الـ 88 ٪‏ من إجمالي مؤسسات القطاع الخاص وكانت نسبة المؤسسات الصغيرة بحدود 7 ٪‏ والمتوسطة تتراوح بين 3 إلى 4 ٪‏ والكبيرة 1 ٪‏ وفي الأحوال الطبيعية هذه النسبة يجب أن تكون في نمو أي بمعنى آخر أن ترتفع متناهية الصغر إلى مؤسسات صغيرة وليس العكس.
اليوم وبعد 6 سنوات نرى أن نسبة المؤسسات المتناهية الصغر في نمو سريع حيث وصلت نسبتها إلى 94 ٪‏ وانخفضت نسبة المؤسسات الصغيرة إلى 4 ٪‏ والمتوسطة أيضاً انخفضت إلى 1 ٪‏ أي أن المؤسسات في انكماش من حيث الحجم ورأس المال وهذا ما نحذر منه دائماً.
مجموعة من صغار التجار والمقاولين تبنى قضيتهم صاحب إحدى المؤسسات المتعثرة وتقدم بخطاب لغرفة التجارة للنظر في قضاياهم طالباً دعم وحماية هذه المؤسسات المتعثرة، حيث على أصحابها تنفيذ الأوامر القضائية عليهم علماً أن البعض منهم تم حجزه لحين سداد ديونه لصالح البنوك الشاكية عليه.
من خلال الرئيس التنفيذي لغرفة تجارة وصناعة البحرين تمكنت هذه المجموعة المتعثرة من إيصال صوتها ومطالبها إلى سمو رئيس الوزراء الموقر الذي لم يدخر وقتاً فور سماع سموه عن هذه المؤسسات المتعثرة، ووجه سموه وزارة التجارة والصناعة بالتنسيق مع غرفة تجارة وصناعة البحرين لدراسة أوضاع المتعثرين وإيجاد حلول فورية لهم ذلك لضمان ديمومة أعمالهم ومساندتهم قدر المستطاع، وهذا ما عهدنا به سمو الأمير الأب والراعي الأول للقطاع الخاص.
منذ أكثر من 4 أشهر والمتعثرون لا يسمعون إلا وعودا من الوزارة وغرفة التجارة، تشكيل لجان واجتماعات ولقاءات ومكالمات هاتفية وتصريحات رنانة في الصحافة وجميعها تدعم المجموعة المتعثرة. غرفة التجارة تصرح في الصحافة بتوفير 2 مليون دينار ووزارة التجارة تطلب من ممثل المجموعة قائمة بأسماء المؤسسات المتعثرة ‘حسب توجيه الوزير’ وإحدى الجمعيات التي تدعي دعمها المؤسسات الصغيرة توقع مذكرة تفاهم مع ممثل المتعثرين لكي تخول نفسها إعلامياً بتحملها مسؤولية بحث حلول هذه المؤسسات.
 كلما خرج المتعثرون ببيانات وتصريحات في الصحافة عن تردي وضعهم نرى من يلاحقهم ويطمئنهم بقرب إيجاد حلول لمشاكلهم إلى أن وصل الحال بهم أن يعتصموا في بيت التجار مطالبين مجلس الإدارة بتنفيذ الوعود وهنا يخرج لهم رئيس الغرفة ليقول لهم لقد خاطبنا وزارة التجارة ولا نستطيع عمل أكثر من هذا، للأسف هذا هو مستوى تعاون الغرفة بالرغم من التوجيهات الصريحة لسمو رئيس الوزراء لوزارة التجارة والغرفة التجارية.
هنا نذكر ونقول إن أي سقوط وإفلاس لمؤسسات محلية هو بمثابة هبوط في الاقتصاد، وأضراره المجتمعية ستمس الجميع ناهيكم عن أهمية تماسك المؤسسات الصغيرة والتي هي بمثابة العمود الفقري لأكبر اقتصاديات العالم ومن دونهم لن تكون للبلاد أية استدامة في الاقتصاد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية