+A
A-

Brooklyn

لم يقدم فيلم Brooklyn مجرد أداء جيدا لممثلة تظهر على الشاشة طوال العرض، بل جعل المشاهد يعيش حالتها طوال دقائق عرضه حتى اللحظات الأخيرة.
حتى الأدوار الثانوية بالفيلم المقتبس عن رواية كولم تويبين كانت مرسومة بدقة متناهية في الوقت الذي ستظهر فيه لتعطي الإقناع المطلوب وتدخلنا في أجواء القصة.
“آيلش لاسي” الشابة في العام 1952، من بلدة صغيرة في ايرلندا وتعمل في متجر وحياتها طبيعية وهادئة، إلى أن تهاجر وتبدأ في المعاناة مع حنينها نحو العودة إلى وطنها ثم تقع في قصة حب مع توني، شاب من عائلة إيطالية، ومع تلك التطورات تبدأ في التكيف على الحياة في نيويورك، تأتي رياح موت “روز” بما لا تشتهي سفن استقرار “ايلش” وتتزوج من “توني” سرا وعادت لأيرلندا وبدا الأمر وكأن الجميع يرغب في بقاءها ببلادها وعدم عودتها إلى بروكلين، مع تطور الأحداث تشعر “آيلش” أن لديها مستقبلا بايرلندا والذي لم يكن موجودا حينما غادرت، وحينما انكشف سر الزواج هربت بسبب عقلية قريتها، تخبر والدتها بالزواج وعودتها لبروكلين، ثم تعرض نصائحها على المهاجرين الجدد وينتهي الفيلم بالجمع بينها وبين “توني”.
التمثيل كان رائعا في هذا الفيلم وهو ما رأيناه مدة عرضه التي كانت بمثابة مبارزة تمثيلية بين إموري كوهين وسيرشا رونان، فيلم قديم الطراز تم تقديمه بطريقة خاصة للغاية.
ما ميز الفيلم حقا هو أن بعض الشخصيات لم تتقابل لمدة أكثر من نصف ساعة من مدة الفيلم، وطريقة اللقاء بين “توني” و”آيليش” كانت حبتها ممتازة.
في الرواية الأصلية لـ تويبين التقيا في حفل محلي تم تنظيمه بواسطة “فلوود” جيم برودبينت وهو حفل لمساعدة المهاجرين الايرلنديين للتأقلم في نيويورك.
إن ملمس الفيلم الجمالي هو تقديم الدراما الكلاسيكية بخلفية تاريخية جميلة، مع النظر في الأسباب وراء هجرة الايرلنديين وتاريخ نيويورك.
الحالة النفسية التي تمكن الفيلم من تصويرها أيضا تحسب له حينما قام بعزل “آيليش” عن أختها ومن ثمربطها بـ “توني فيوريلو” بالإضافة لأولويات المعيشة.
“بروكلين” قدم بطريقة ممتازة فكرة الوقوع فريسة بين الزمان والمكان والهوية وحالة التيه التي يعاني منها الإنسان بين كل ما سبق، والتني تجعله مخير فقط بين الرفض أو الاستسلام. ويكمن تلخيص ما سبق في التالي، “آيليش” في ايرلندا فتاة لها تاريخ، وفي الولايات المتحدة الأميركية هي فتاة لها مستقبل وفي كلاهما كانت مليئة بالحنين. عموما الفيلم شكّل حالة لا بأس بها على الإطلاق يمكننا مراجعته طوال الوقت والنظر في مميزاته لكن فعليا هو أكثر الأفلام ذكاء واعتمد على تصوير الرواية ومهارة الممثلين وقدرة المخرج. والفيلم يعد عملا معقدا للغاية قُدم بطريقة بسيطة جدا لإقناع المشاهد وهو ما نجح به صناع الفيلم مرورا بالتطور الداخلي للممثلين أثناء تأدية أدوارهم.