العدد 2749
الأحد 24 أبريل 2016
banner
طهران تتهم واشنطن بسرقة أموالها
الأحد 24 أبريل 2016



في العشرين من أبريل الجاري، ووفقًا لما ذكرته وكالة “أسوشيتد برس” فقد قضت المحكمة الأميركية العليا بأن تدفع إيران وتحديدًا البنك المركزي الإيراني مبلغ 2 مليار دولار لضحايا “الإرهاب الذي رعته إيران”، كتعويضات لأقارب 241 عنصرا من مشاة البحرية الأميركية الذين لقوا حتفهم في “هجوم إرهابي” عام 1983 في بيروت (تفجيرات بشاحنتين مفخختين، استهدفت ثكنات للقوات الأميركية والفرنسية ضمن قوات حفظ السلام في بيروت) وضحايا من الهجمات التي ربطتها المحاكم بإيران.
من جانبها، نددت إيران بقرار المحكمة العليا الأميركية، واعتبرت هذا الحكم بمثابة “سرقة، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية حسين جابر الأنصاري إن “القرار يعتبر بمثابة سرقة من أملاك الجمهورية الإسلامية ويتعارض مع القانون الدولي، وأظهر مجددا عداء أميركا لإيران.. وأثبت أنه لا يمكن الوثوق بها”.
ويأتي قرار المحكمة الأميركية ورد الفعل الإيراني مغايرًا للتوجه العام الذي يشهد مزيدا من التقارب بين الجانبين في ظل رغبة وحماس شديدين من الرئيس الأميركي أوباما وتغاضيه عن كثير من العلامات السلبية والمؤشرات غير الإيجابية أملاً منه في أن يصل للنهاية التي ينشدها في خلق حليف “استراتيجي” جديد “قديم” بمنطقة الشرق الأوسط يكون بديلاً عن الحليف “الخليجي” الذي بات “مرهقًا” لأوباما سواء لأنه راغب باستمرار في تحميل أميركا كل الأعباء أو لأنه مسؤول عن التوترات في الشرق الأوسط وفقًا لوجهة أوباما نفسه التي عبر عنها لمجلة أتلانتيك في تصريحات كاشفة عما بداخله صراحة تجاه دول الخليج والدول العربية عمومًا. ويأتي هذا الموقف الإيراني من قرار المحكمة الأميركية استمرارًا لسلوك استفزازي مستمر منذ فترة، واستغلالاً لما رأته مجلة فورين بوليسي الأميركية للغة الغامضة غير الدقيقة التي صيغ بها الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، حيث أشارت إلى أن لغة الاتفاق لم تتسبب في إحداث خلاف بين الإدارة الأميركية والكونغرس فحسب، ولكنها سهلت دخول إيران إلى النظام المالي الأميركي، ومكنت طهران من الاحتجاج ضد أية عراقيل تحول دون إجراء البنوك الأوروبية معاملات تجارية في إيران وعلى أساس البنود الواردة في الاتفاق النووي نفسه.
واستشهدت الصحيفة بفقرة من الاتفاق تشير إلى أن (على الولايات المتحدة بذل قصارى جهدها - وفق مبدأ حسن النية - وذلك من أجل استدامة خطة العمل المشتركة، مع مراعاة المصلحة التامة لإيران إزاء رفع العقوبات)، حيث تفسر إيران هذه الفقرة على أساس أن على الولايات المتحدة اتخاذ اللازم من أجل تسهيل استعداد البنوك لإجراء المعاملات التجارية في إيران، والمساعدة في إعادة دمج إيران بالنظام المالي العالمي.  وتقول الصحيفة في تعليقها على هذه النقطة: “رغم عدم إدراج بند يسمح بإجراء المعاملات التجارية باستخدام الدولار ضمن الاتفاق، فإن اللغة المستخدمة في كتابة هذه الفقرة تعطي إيران حق المطالبة بهذا الإعفاء، وهو ادعاء يتمتع بالمصداقية”.وهناك  حالة من الجدل واللغط إزاء هذه القضية تحديدًا، حيث  أشارت صحيفة نيويورك تايمز في تقرير لها نشر مؤخرًا إلى أن بعض قادة الجمهوريين - في إطار محاولاتهم إجهاض الاتفاق النووي مع إيران - يسعون حاليا لإصدار تشريع من شأنه أن يجعل تعامل طهران بالدولار الأميركي أصعب مما هو الآن، مضيفة أن الشركات الأميركية لا يزال التعامل مع إيران محظورا عليها باستثناء الاتجار في ما يتصل بالطيران المدني، والسجاد، والمنتجات الزراعية، كما أن إيران ممنوعة من استخدام النظام المالي الأميركي والدولار الأميركي، والذي تتم به معظم المعاملات التجارية في العالم، وأن كثيرا من البنوك الأجنبية غير الممنوعة من التعامل مع إيران تتردد في التعامل معها خشية الوقوع في تعارض مع العقوبات الأميركية.
الخطأ بطبيعة الحال وارد في أي مكان وزمان وبأية قضية مهما كانت، إلا أن الخطورة عندما يكون هذا الخطأ مقصودًا ليتم استغلاله على نحو ما فيما بعد، وهذا هو ما تؤكده فورين بوليسي، حيث تقول إن عدم دقة الصياغة هذه لم تكن خطأ من جانب المفاوضين، بل كانت عن قصد مسبق، وإن مفاوضين سابقين في الإدارة الأميركية اعترفوا بأن هناك عناصر في الاتفاق تُركت غامضة، وذلك من أجل السماح للإدارة بتسويق الاتفاق أمام الكونغرس والشعب الأميركي، ولكي يتمكن المفاوضون الإيرانيون من إقناع المتشددين في بلادهم.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .