العدد 2741
السبت 16 أبريل 2016
banner
دروس إسرائيلية!
السبت 16 أبريل 2016

لم يعد هناك مجال واسع للتعبير عن حب الوطن كما كان الحال من قبل أو كما هو مفترض ومتوقع وواجب، حيث إن أشكالا شتى للتعبير عن الحب ويمكن التعبير عنه بطرق كثيرة وبأساليب متباينة ولكن المهم أن تصب جميعها في صالح هذا الوطن مهما اختلفت أو تعددت.
تضييق مجال التعبير عن حب الوطن سببه الرئيس الضيق من الانتقاد ولو على سبيل توجيه النصح والإرشاد أو بغرض التصحيح والتقويم، فلم يعد هناك مجال لهذا الترف في وقت تعاني منه كثير من المجتمعات أزمات مستعصية ومشكلات معقدة.
ويبدو أن حالة “الدعة” و”الراحة” الاستراتيجية التي يعيش فيها الكيان الصهيوني في هذه المرحلة التي تصب بجميع تطوراتها في صالحه وجعلته يغرد وحيدًا بلا مشاكل جوهرية باستثناء مواجهة شباب فلسطيني لا يزال مقاومًا رغم الظروف، صامدًا رغم العزلة، متمسكًا بحقوقه رغم ابتعاد إخوانه العرب وانشغالهم بهمومهم وتراجع قضيتهم بالنسبة لهم.
الخوف الصهيوني على إسرائيل كان يصب في سحق الشباب الفلسطيني بكل الطرق والأساليب وهذا بالفعل هو الغالب على الأصوات الإسرائيلية، فهناك من يطالب بطرد فلسطينيين من الضفة الغربية إلى خارج مناطق سكناهم، وهناك من يقترح على الحكومة الإسرائيلية فرض الإقامة الجبرية على أفراد عائلات منفذي العمليات الفلسطينية، وهناك من يطالب بإعدام المنفذين بلا محاكمة وتوقيع عقوبات على عائلاتهم وغيرها من الأساليب الإجرامية التي تجد جميعها تبريرًا جاهزًا وهو تحقيق أمن إسرائيل والقضاء على المقاومة الفلسطينية “المربكة” للدولة الصهيونية.
في المقابل، هناك أصوات إسرائيلية معاكسة، ومن بين هذه الأصوات فنينا شاربيت - وهي ضابطة سابقة في الجيش والنيابة العسكرية وترأست دائرة القانون الدولي، وتعمل حاليا محاضرة في جامعة تل أبيب، وأكاديمية الأمن القومي التابعة للجيش الإسرائيلي - التي نشرت ورقة بحثية تم تقديمها إلى دوائر صنع القرار الإسرائيلي حول مواجهة موجة العمليات الفلسطينية التي اندلعت أوائل أكتوبر 2015، حيث أكدت أن طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى خارج مناطقهم مرفوض من وجهة نظر القانون الدولي، مشيرة إلى وجود صعوبات قانونية فيما يتعلق بفرض الإقامة الجبرية على أفراد عائلات منفذي العمليات الفلسطينية، لأنهم لا يشكلون خطرا على إسرائيل.
وأوضحت أن عدم وجود أسس قانونية لمثل هذه الخطوات الإسرائيلية كفيل بإضعافها، سواء داخل إسرائيل أو خارجها، وتعتبر “ذخيرة” بيد كل من يريد محاربة إسرائيل ومواجهتها في الساحة الدولية، وهو ما يتطلب من دوائر صنع القرار الإسرائيلي أن تأخذ هذه المسألة بعين الاعتبار.
وفي السياق ذاته، أكدت ورقة بحثية أخرى للمحامية كيرن أبيرام أن خطوة الإبعاد أو فرض الإقامة الجبرية على أفراد عائلات منفذي العمليات الفلسطينية ورغم أن الهدف منها هو منع أكبر قدر ممكن من الفلسطينيين من المشاركة في الموجة الحالية من العمليات أو تأييدها أو إعلان مساندتها، إلا أنها تثير العديد من الإشكاليات القانونية كونها تتعارض مع المواثيق الدولية ذات العلاقة، ومنها المادة الـ 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، وأن الأمر سيثير إشكالية قانونية في المحافل الدولية.
نموذج آخر يقدمه رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي الجنرال “مائير داغان” الذي توفي قبل أسابيع قليلة، حيث وجه انتقادات قاسية لرئيس الحكومة حينما وصف في حوار مع صحيفة “يديعوت أحرونوت” قبيل وفاته رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بأنه “المدير الأسوأ الذي عرفه في حياته” وكان سببًا في استقالته من رئاسة “الموساد” لأنه كان ينظر لمصلحته الشخصية على حساب الدولة ومتسرعًا في اتخاذ القرارات الحساسة دون حسابات كافية، مشيرًا إلى أنه عرف العديد من رؤساء الحكومات الإسرائيلية لم يكن أحد منهم طاهرا أو قديسا، بمن فيهم أريئيل شارون الذي عرفه جيدا، لكن كان لديهم قاسم مشترك بينهم جميعا، وهو حين يصلون إلى نقطة الحسم في اتخاذ قرار مصيري وتتعارض مصلحتهم الشخصية مع المصلحة القومية لإسرائيل فإنهم يجعلون الأخيرة تتغلب على الأولى على خلاف كل من بنيامين نتنياهو وإيهود باراك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية