+A
A-

ميّ بنت محمّد: المفهوم الجميل المرتبط بذاكرة المعالم نتاجٌ إنسانيٌّ مشتركٌ

المنامة - هيئة البحرين للثّقافة والآثار: باعتبارها الصّنيع العالميّ الذي تؤرّخ له ذاكرة الشّعوب الإنسانيّة، تحتفي الأوطان حول العالم باليوم العالميّ للمعالم والمواقع الأثريّة والذي يوافق يوم 18 أبريل، وذلك حسبما أطلق المجلس الدّوليّ للمعالم والمواقع الأثريّة (الإيكوموس – ICOMOS).
وبهذه المناسبة، قالت رئيسة هيئة البحرين للثّقافة والآثار الشّيخة ميّ بنت محمّد آل خليفة: “لنا في الثّقافة رهانٌ وطنيٌّ وعالميٌّ بأن تكون الآثار والملامح التّراثيّة هي قيمتنا الإنسانيّة الأعمق والأوسع، هي الاختزال المكثّف لهويّة أوطاننا وحضاراتنا الإنسانيّة. لقد اشتغلنا لأعوام كنّا نسعى فيها جميعها للتّمسّك بذاكرة المواقع، المعالم، البيوت والمدن القديمة بكلّ ما فيها عبر مشاريع العمران الثّقافيّ وترميم تلك الملامح”.
وأردفت: “الثّقافة جنبًا إلى جنبٍ مع المعالم والمواقع الأثريّة والتّراثيّة هي ما نعتزّ به، لأنّنا نواصل بناء الوطن من خلالها، وكذلك الإنسانيّة. إنّ المفهوم الجميل المرتبط بذاكرة تلك المعالم والمواقع لا تحتكره الأوطان اليوم، بل هو نتاجٌ إنسانيٌّ مشتركٌ، نحتفي به من خلال جعله مستدامًا، قابلاً للوصول عبر العالم كلّه، ولربّما هذا ما ينسجم مع فكرة إطلاق عام (وجهتك البحرين) الذي يدعو العالم كلّه لزيارة المعالم والمواقع، بالإضافة إلى المنازل والمتاحف والاحتفاء بالمواسم الثّقافيّة على اختلافها والتي تتضمّن كذلك مهرجان البحرين السّنويّ للتّراث الذي يُصادف شهر أبريل أيضًا”.
العمران التّراثيّ سلوكٌ ثقافيّ لإنقاذ الذّاكرة الوطنيّة:
وتكريسًا للمعالم والمواقع الأثريّة كهويّة وطنيّة واشتغال ثقافيّ مستدام، كان الاهتمام بالعمران الإنسانيّ بما يتضمّنه من معالم ومواقع أثريّة هو الأداة الحفاظيّة للتّاريخ والحضارات الإنسانيّة، إذ تمكّنت هيئة البحرين للثّقافة والآثار من خلال أعمال التّرميم ومشاريع العمران الثّقافيّ والتّاريخيّ أن تصنع من تلك المعالم والمواقع شاهدًا يحرسُ عمر البلاد وحضارات إنسانها، كما صيّرت من تلك الملامح هويّةً مكانيّةً توثّق الحياة التي شهدتها جزيرة البحرين.
طرقٌ ثقافيّة تصلُ الإنسانَ بالأمكنة التّراثيّة والأثريّة:
بمقارباتٍ جميلة، سعت هيئة البحرين للثّقافة والآثار أن تقلّص المسافات مكانيًّا وثقافيًّا ما بين العديد من المواقع والمعالم الأثريّة وما بين النّاس، وذلك بجعلهم على مقربة منها، وفي اتّصالٍ حقيقيّ معها عبر خلق ذاكرةٍ مصغّرة خاصّة بكلّ موقع منها تتّصل بنطاق حيّزها الجغرافيّ.
مدنٌ قديمةٌ، وأجزاءٌ من ديارٍ تستعدُّ لاستكمال الحياة التّاريخيّة:
وكما هو الاعتناء بالملامح الأثريّة التّاريخيّة، فقد عمدت الثّقافة إلى الاحتفاظ بالمحيط العمرانيّ لتلك المعالم باعتباره الحاضنة المكانيّة واللّغة المجاورة لتلك المعالم والمواقع الأثريّة، وقد شملت الأعمال الحفاظيّة عددًا من مناطق مملكة البحرين، من بينها: العاصمة البحرينيّة المنامة ومدينة المحرّق القديمة، اللّتان تُعدّان نموذجين إنسانيين وعمرانيين يوثّقان التّراكم الإنسانيّ والحضاريّ للشّعوب المتعاقبة على هذه الأرض، ويتجسّد ذلك عبر بيوت هاتين المدينتين ومبانيهما وتفاصيل عمرانهما، والتي لا زالت تحتفظ بالغنى والجمال الذي يميّز المدينة البحرينيّة القديمة، كما تجسّد شوارعهما ونسيجهما الحضريّ نماذج حيّة، تدوّن تغييرات تلك الأمكنة وتطوّرها بالأثر الإنسانيّ الاجتماعيّ. وقد شكّلت بادرات الثّقافة للحفاظ على معالم هاتين المدينتين خطوات فعليّة من أجل عودة الأهالي إلى تلك المناطق، واستعادة النّسيج العمرانيّ الحيويّ للمدينة، والمحافظة على المكتسبات التّراثيّة المعماريّة والإنسانيّة التي تنفرد بها المنطقة.
الثّقافة تواصل منح الحياةِ للمواقع عبر شراكة مع المجتمع المحلّيّ:
وضمن مساعيها، تمكّنت هيئة البحرين للثّقافة والآثار تعزيز وعي الأهالي والمواطنين بالمعالم والمواقع الأثريّة وذلك عبر تعميق الشّراكة المجتمعيّة، وإدماج الأهالي في المشاريع التّرميميّة والحفاظيّة للتّراث الثّقافيّ. ويعكس هذا الجانب الإنسانيّ الاجتماعيّ ضمانًا حقيقيًّا للرّهان الذي يؤكّد أن الحارس الحقيقيّ لهذا الثّراء الحضاريّ هو إنسان المكان ذاته.