العدد 1785
الثلاثاء 03 سبتمبر 2013
banner
الجامعة العربية والضربة الأميركية
الإثنين 20 مايو 2024

كنت أتمنى ألا تنجر الجامعة العربية إلى تأييد ضربة أميركية ضد سوريا، والحمد لله.
 فحتى كتابة هذه الأسطر والأخبار التي أتت من الجامعة كانت كما تمنينا، ونتمنى من الله ألا يتغير الموقف، ليس لأن نظام الأسد لا يستحق التأديب والازاحة.
 ولكن التاريخ سيكتب كل كبيرة وصغيرة حول هذا الظرف الصعب الذي تمر به الأمة العربية لأن الموقف الأميركي موقف مشبوه إلى حد بعيد.
 ولا يجب تحت اية ظروف أن توفر الجامعة العربية غطاء أخلاقيا لعمل أميركي منفرد يهدف إلى تحقيق مصلحة إسرائيل في المقام الأول.
أميركا تسكت طويلا عن قضايا إنسانية كثيرة ولا تنطق بكلمة عن حقوق الانسان وتترك الدماء تسيل ولا تفعل شيئا طالما أن الأمر لا يتصل بمصلحتها، بل قد تجد مصلحتها في هذا القتل.
أميركا تتحرك وقت ما تشاء وتخترع الذرائع التي تؤيد تحركها، والدليل على ذلك أنها سكتت أكثر من عامين على ما يجري في سوريا واستسلمت في هدوء للفيتو الروسي والصيني، رغم سقوط آلاف القتلى والجرحى وتشريد الملايين، ثم تحركت الآن بمنتهى السرعة، ولم تنتظر حتى صدور تقارير المفتشين الدوليين الساعين لكشف الجريمة التي وقعت في الغوطة ومعرفة المسؤولين عنها، وكأن توجيهها الضربة للجيش السوري بهذه السرعة سيعيد الضحايا إلى قيد الحياة مرة أخرى!.
وقد رأينا كيف حسم مجلس العموم البريطاني المسألة ورفض تورط بريطانيا في ضربة قد تؤدي إلى سقوط أبرياء أكثر من هؤلاء الذين سقطوا في الغوطة، رغم أن بريطانيا هي الحليف الأول لأميركا.
 ورأينا كيف انكشف أوباما بشكل مخجل فجرى إلى الكونغرس الأميركي ليعطيه الغطاء الذي يعفيه من تحمل المسؤولية وحده حول الضربة التي يريد القيام بها.
أين هو المجتمع الدولي التي تتحرك الولايات المتحدة بالنيابة عنه، واين هو الاجماع الدولي إذا كانت روسيا والصين ترفضان الضربة، وأقرب حلفاء أميركا تراجعوا عن تأييدهم لها؟.
إزاء هذا الموقف الدولي لا يمكن للجامعة أن تعطي لأوباما غطاء أخلاقيا لتوجيه هذه الضربة، حتى وإن كانت هذه الضربة ستسقط نظام الأسد.
الشيء الوحيد الذي يجب أن تقوم به الجامعة العربية هو المطالبة بتقديم المتورطين في المذبحة إلى المحاكمة الدولية بصفتهم مجرمين، ولا يجب أن يتم ذلك إلا بعد صدور تقارير المفتشين الدوليين.
صحيح أننا جميعا نريد إسقاط نظام بشار الأسد، ولكن هذه المهمة لا يجب أن تتم إلا بأيدي الشعب السوري نفسه وليس بأيدي الأميركيين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .