العدد 1647
الخميس 18 أبريل 2013
banner
تحرش على الهواء مباشرة
الأحد 05 مايو 2024

للمرة الثانية يخطئ معالي الوزير أمام الكاميرا وعلى الهواء مباشرة في اختيار مفرداته بشكل يعرضه لملايين الانتقادات والنكات الساخرة ويجعله حديث أعدائه وأعداء الحزب الذي ينتمي إليه.
ربما يكون الرجل حسن النية، ولكن حسن النوايا لا يغفر لأصحابه وهم على الهواء مباشرة، خاصة إذا كانوا وزراء مسؤولين في دولهم، لأن الوزير حسب علمنا يتم اختياره بعناية ويُشترط فيه قدر معين من العلم بالمجال الذي يعمل به وقدر من الثقافة العامة التي تليق بوزير، والأمر يزداد صعوبة عندما يكون وزيرا للإعلام.
فوزير الإعلام على وجه الخصوص يفترض أنه يعرف أن الكلمة التي تخرج على الأثير لا يمكن استردادها أو تعديلها، فقد وصلت إلى آذان الناس وعقولهم وأحدثت تأثيرها عليهم، وأنه من العبث في معظم الأحوال محاولة تخفيف تأثير الكلمة أو محوه تماما، على العكس من وسائل الاعلام المقروءة التي تمر بمراحل يتم فيها تنقيتها من مفردات وتعابير لا يجوز أن يقرأها الناس.
هذا ما حدث بالضبط مع وزير الاعلام عندما سألته المذيعة السورية الجميلة على قناة دبي حول التضييق على حرية الاعلام في بلاده وبدأت برنامجها بمقدمة معينة أوضحت فيها لمعالي الوزير أنها استطلعت آراء جهات عديدة حول القضية موضوع الحلقة، ولم تكمل المذيعة عبارتها حتى بادرها الوزير مبتسما بتعليق قصير عبر فيه عن خشيته من أن تكون أسئلة المذيعة ساخنة، أو “سخنة” حسب تعبير الوزير مثل سخونة المذيعة ذاتها. وأتبع تعليقه بقهقهة مصطنعة يشجع بها نفسه ويشجع المذيعة على الضحك ويخلق جوا من المرح في بداية الحلقة، ولكن المذيعة التي رأت أنه لا مجال هنا للمقارنة بين سخونة الأسئلة وسخونة المذيعة ذاتها، ردت بلباقة وقالت: أنا لست “سخنة” يا معالي الوزير، ولكن أسئلتي فقط هي “السخنة”.
وبطبيعة الحال لم يؤد هذا الاستدراك من المذيعة إلى إنهاء المشكلة، ولكنه أدى إلى تفاقمها، فالوزير استخدم تعبيرا جنسيا واضحا، على الأقل في لهجة بلاده، وعلى الفور انطلقت التعليقات والتغريدات على مواقع الفضائح التي تسمى بالتواصل الاجتماعي تنال من معالي الوزير الذي ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين.
كانت تلك هي المرة الأولى وقد مر عليها حوالي أربعة أشهر، والتي كان يجب أن تكون درسا لمعالي الوزير لكي لا يقع مجددا في شباك المتصيدين والأعداء الذين يستكثرون عليه منصب وزير الإعلام، ولكن يا لسوء الحظ أو يا لسوء التعبير، فقبل أربعة أيام فقط، تكرر الموقف وبشكل أكثر فجاجة، عندما سألته، إحدى الصحفيات في محفل من المحافل بلهجة محلية: “فين يا فندم حرية الصحافة؟ فأجابها إبقي تعالي وأنا أقولك فين الحرية!”.
يا للهول! إنه تعبير أسوأ من سابقه، وهو لسوء الحظ موجه أيضا إلى أنثى، ولا داعي للشرح والتطويل هنا، ويكفي أن نقول إن هذا التعبير به إيحاء جنسي رديء أيضا.
وهذه المرة كانت التبعات أشد، فلم يتوقف الأمر على تشويه معالي الوزير على الانترنت، فقد طالبت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان رئيس الوزراء بالاعتذار عما بدر من وزير إعلام حكومته من تصريحات - ليست الأولى من نوعها، وطالبت بإقالة الوزير.
 وقالت الشبكة الحقوقية في طلبها إن تعبير الوزير وإن لم يكن يحمل إيحاءات بتحرش جنسى فهو يفتقر إلى المقومات المهنية التي ينبغي على وزير الإعلام أن يتمتع بها.
مع تقديم كل الاحترام والتقدير للوزراء الأقوياء في لغتهم وثقافتهم ومهنيتهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .