العدد 1567
الإثنين 28 يناير 2013
banner
مصر في ذكرى الثورة
الإثنين 06 مايو 2024

تابعنا بكل الحزن والأسى ما جرى في مصر في يوم ذكرى الثورة ،الخامس والعشرين من يناير،وهو اليوم الذي يفترض أن يكون يوم احتفال للمصريين بعد أن قاموا بثورة أبهرت العالم،ولكنه أبدا لم يكن يوم احتفال،ولكنه كان يوما للجنازات والأحزان والدماء،وشعرنا بسبب اندلاع العنف في كل أرجاء مصر وبسبب العدد الكبير للقتلى الذين سقطوا خلال هذا اليوم وكأن الفضائيات التي نقلت هذه الأحداث تتحدث عن سوريا وليس عن مصر.
قتال بين المصريين والمصريين في كل محافظات مصر،ودماء سالت وشباب في عمر الزهور سقطوا في كل مكان.
لا توجد محافظة بلا حرائق وبلا اقتحامات وبلا كر وفر وبلا جنازات.
في ليل الخامس والعشرين من يناير، كانت السويس مدينة البطولة والفداء هي الأكثر حزنا بعد أن سقط فيها سبعة من القتلى خلال اشتباكات مع رجال الأمن،وفي صباح اليوم التالي،السادس والعشرين من يناير أصبحت بور سعيد،مدينة التاريخ والتضحيات هي الأكثر حزنا عندما بدأت يومها الحزين بمقتل ضابط كان يؤدي واجبه،ثم تزايد سقوط القتلى حتى تخطوا الثلاثين،معظمهم من الشباب الحالمين بحياة أفضل.
في الإسكندرية، في الغربية، في دمياط، في الدقهلية، في محافظات الصعيد، اشتباكات واقتحام مبان حكومية، وشباب ملثمون يسمون أنفسهم جماعة “البلاك بلوك”،يتوعدون جماعة الإخوان المسلمين والحكومة ويعلنون عن نيتهم في استخدام العنف لتحقيق أهدافهم!
فهل هذه هي ثمار الثورة التي وقف المصريون بكل أطيافهم جنبا إلى جنب خلالها وسقط من أجلها الشهداء؟
ليس هذا ما نريده لمصر بعد عامين على الثورة التي أعلنت شعارات” عيش..حرية ..عدالة اجتماعية”
لا نريد أن يصبح يوم الثورة المصرية يوما للندم والحسرة والبكاء على اللبن المسكوب،إنما نريد لمصر كل التقدم والاستقرار.
من المسئول عن تطور المشهد المصري ليصبح بهذا العنف الذي لم يسبق له مثيل؟لماذا هذا الغضب الموجه لرجال أمن أبرياء خرجوا ليؤدوا واجبهم،فيعودوا إلى أهلهم مقتولين بلا ذنب؟
ليسامحنا الجميع إذا قلنا :تباً للثورة طالما أن هذه هي ثمارها وطالما أن الأمن قد ضاع والاقتصاد على حافة الانهيار.
لا نجاة لمصر في تقديري المتواضع سوى أن يتخلى الجميع، دون أن نسمي أحدا ،عن المصالح الضيقة التي تخدم خطط هذا الحزب أو هذه الجماعة وينظروا إلى مصلحة مصر التي هي أكبر من أي فصيل منفرد ،مهما كانت حجته وشرعيته وأغلبيته،وإلا فستزداد النار اشتعالا،وسوف تسيل المزيد من الدماء.
ولا استقرار لمصر إلا إذا شعر الفقراء الذين عانوا لسنوات طويلة أن حياتهم أصبحت أفضل،وإذا شعروا أن أهل الحكم يهتمون بلقمتهم وسكنهم ورعايتهم الصحية والاجتماعية أكثر من اهتمامهم بالانتصار على خصومهم وتثبيت دعائم حكمهم،لأن الثورة قامت في الأساس بسبب المعاناة والفقر وفقدان الأمل في العدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
وليتنا هنا في الخليج،وخاصة في البحرين ندرك خطورة سعينا للعنف وتسميتنا للأشياء بغير أسمائها،ليتنا ندرك أهمية الحوار وأهمية التوافق الذي هو وحده يصنع لنا أفضل بكثير مما يمكن أن تصنعه الديمقراطية ذاتها.
ليتنا نأخذ العظة من غيرنا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية