العدد 1563
الخميس 24 يناير 2013
banner
الحوار الوطني
الإثنين 06 مايو 2024

دائما تضاف كلمة “الوطني” لكلمة “الحوار” عندما يجرى هذا الحوار بين قوى سياسية داخل الدولة الواحدة،ربما للإيحاء بالتفاؤل وبقابلية المشكلات الموجودة داخل الوطن الواحد للحل، على الرغم من أن الحوار في أوقات كثيرة لا يكون وطنيا ولا يستحق أن تضاف إليه كلمة “وطني”!
الحوار يستحق أن يوصف بأنه وطني عندما يؤدي الخوف على الوطن ومصيره ووحدته إلى كبح جماح المشاركين فيه ويهذب مطالبهم وطموحاتهم إلى الحد اللازم لبقاء وحفظ هذا الوطن من الأخطار البادية والكامنة.
والحوار يكون وطنيا خالصا عندما لا يتلقى أي من المشاركين أي توجيهات أو إشارات أو تلميحات من أي جهة خارج الوطن مهما كانت قدسية هذه الجهة، وما عدا ذلك يكون الحوار مجرد نقاشات فارغة أو استمرارا للصراع ولكن بشكل مختلف.
أي بلد على سطح الكرة الأرضية يبقى بخير، مهما كان التباين والاختلاف داخله، طالما ظلت مكونات هذه البلد بعيدة عن الارتباطات الخارجية والمرجعيات الخارجية.
فالخلاف السياسي أو حتى الصراع السياسي يصلح الدول ولا يضرها ويجبر الحكومات الساعية للنجاح في الانتخابات أو البقاء في الحكم على العمل من أجل مصلحة الشعب والمصلحة العليا للبلاد، إلا إذا كان تيار المعارضة الرئيس بالذات يعكس مطالب ومصالح غير وطنية.
فعندما يستمد هذا التيار دعمه السياسي والإعلامي والمالي من خارج الحدود لا يكون هناك أمل في نجاح أية عملية سياسية في الدولة، خاصة عندما يكون الطرف الخارجي مستهدفا لهوية الدولة وبقائها على الخريطة،لأنه سيقوم على الدوام بتفخيخ أية عملية سياسية ويقوم بتفجيرها عند اللزوم، لأن الهدف البعيد الذي يسعى إليه لا يتحقق إلا بالتصعيد.
وحتى إذا نجحت أية عملية سياسية وتم اتفاق الأطراف على شيء ما بشكل مبدئي، فإنه يستطيع إفشال العملية عن طريق رجاله المخلصين الذين يمكنهم افتعال الأزمات في أية لحظة يريد.
الحوار الذي دعا إليه جلالة الملك هو الحل الوحيد لحسم كل الملفات الخلافية في البحرين، ولا سبيل آخر لحل هذه الملفات سواه، ولكن هل يمكن للجميع أن يدخلوا في هذا الحوار وهم متجردون تماما من أي ارتباط خارجي، أم أننا سنظل ندور في دوائر مفرغة ونمارس الحوار كتكتيك مرحلي ومن أجل التجمل الإعلامي وعدم الظهور أمام العالم بمظهر المتعنت الرافض دون سبب لهذا الحوار.
مشكلة البحرين الكبرى للأسف تكمن في ارتهان قرارات المعارضة بموافقة من خارج الحدود، وهذا يهدد أي حوار بحريني داخلي ويحكم عليه بالفشل من قبل أن يبدأ، وإن بدأ بالفعل فربما لا يكتمل، وإذا اكتمل وتم خلاله الاتفاق على بنود، سوف نكتشف بعد وقت قصير أن عشرات الشياطين يسكنون بأمر إبليس الكبير في  التفاصيل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية