العدد 1545
الأحد 06 يناير 2013
banner
إعلان موت البطل الأسطوري الهندي
الأحد 05 مايو 2024

حادثة اغتصاب الفتاة الهندية بالطريقة البشعة التي نقلتها وسائل الاعلام الهندية سوف تؤثر على صورة الهند في كل أنحاء العالم وسوف ترسم صورة غاية في السوء للثقافة الهندية في أذهان الرجال والنساء في كل الدنيا.
 أنا شخصيا شعرت بصدمة كبيرة وأحسست أن معلوماتي عن الهند وثقافتها والصورة التي أحملها في رأسي وفي ذهني عن هذا البلد صاحب الحضارة العريقة قد انسحقت تماما وتبعثرت كما يبعثر الهندوس رماد الموتى.
 وعلى الرغم من أن مظاهرات حاشدة خرجت تندد بهذه الحادثة في كل أنحاء الهند ،وتفاعل نجوم السينما الهندية مع هذا الحادث الجلل بالرفض والاستنكار، ورفض المحامون الدفاع عن مرتكبي هذه الجريمة،إلا أن كل هذا لم يعيد إلي التوازن الذي فقدته والصورة التي كنت أحملها للهند منذ الصغر.
 ويبدو أن ما عرفناه عن الهند والصور الذهنية التي كوناها عنها كانت معتمدة على السينما الهندية وما تعرضه من صور عن البطل العظيم الذي يواجه الظلم والقهر ويضحي من أجل ترسيخ القيم الانسانية العظيمة.
 لقد تهشمت في مخيلتي صورة البطل الشهم المليء بالتضحية التي قدمتها لنا السينما الهندية على مدار السنين وأنا أتابع هذه الحادثة التي لا تصفها أي مفردات وضعت في معاجم العالم كله.
 حادثة اغتصاب هذه الفتاة هي من أبشع الحوادث التي سمعنا عنها في حياتنا،فعلى الرغم من تكرار مثل هذه الحوادث ،إلا أن هذه الحادثة بالذات هي الأبشع لأن تفاصيلها غريبة وتوحي بأكثر مما توحي به غيرها من الحوادث..
 لقد دفعتني صدمتي واستغرابي لتفاصيل هذه الحادثة إلى القيام بمحاولات لجمع المعلومات عن مثل هذه الحوادث في هذا البلد،فعرفت أن احتقار النساء ثقافة متأصلة في المجتمع الهندي بشكل يجعل أي فتاة غير آمنة على نفسها وهي ذاهبة إلى دراستها أو عملها،وقرأت عن حوادث أخرى كثيرة ومشابهة لهذه الحادثة ولكن ضحاياها لم يكن محظوظات كهذه الفتاة التي دخلت التاريخ والتي نتمنى أن يكون ما جرى لها بداية جديدة لتاريخ النساء في الهند ،على الأقل فيما يتعلق بإصدار تشريعات جديدة تردع المعتدين وتضمن للمرأة حقوقها وتجعلها تسير في بلدها دون خوف.
 لقد قرأت خلال متابعتي لظاهرة الاغتصاب في الهند أن من بين 600 قضية اغتصاب، (تم الإبلاغ عنها) في دلهي وحدها ،تم الحكم بالإدانة في قضية واحدة فقط،فما هذه التشريعات التي لا تضمن للمرأة  آدميتها واحترامها وأمنها؟
 هذه ليست محاولة  لتشويه الهند لا سمح الله،فليس بيننا كشعوب عربية وبين الهند شعبا وحكومة أي عداوات،ولكنها محاولة للتعبير عن التضامن الانساني مع نساء الهند نتيجة لهذه الحادثة المروعة التي لها بكل التأكيد أخوات كثيرات لم يجدن طريقهن إلى الاعلام.
ولا ندري ماذا ستقدم لنا السينما الهندية بعد هذه الحادثة التي أهانت وجه الهند أمام العالم كله؟ هل ستعلن هذه السينما موت البطل الأسطوري الذي كان يقتل الأوغاد ويحرر حبيبته من بينهم ويطير بها من وسط النار؟ أم ستقول لنا أن الأوغاد قد أصبحوا من الكثرة لدرجة ان البطل الأسطوري لم يعد قادرا على القضاء عليهم.
 مع الاعتذار للمهاتما غاندي وكل عظماء الهند الذين أدهشوا العالم بعظمتهم وعطائهم.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .