العدد 845
السبت 05 فبراير 2011
banner
مشاهدات حول الثورة المصرية
الإثنين 06 مايو 2024

رأينا قيادات الحزب الوطني الديمقراطي الذي حكم مصر منذ 30 عاما، الذين حققوا ثروات كبيرة ومصوا دماء الفقراء، رأيناهم يتجردون من الأخلاق والإنسانية ويظهرون وجههم الحقيقي، ويحاولون إغراق مصر كلها في الفوضى والاقتتال، عندما أدخلوا البلطجية من الجمال والخيول على المتظاهرين المسالمين في ميدان التحرير ليقتلوا منهم ما قتلوا ويجرحوا منهم ما جرحوا.
رأينا قناة الجزيرة القطرية وكأنها تدير معركة حقيقية ضد مصر وأهلها، فعلى الرغم من أن النظام قد قبل بـ 99 في المئة من مطالب المتظاهرين، وعلى الرغم من أن الأمور تسير في مصر في اتجاه تحقيق مطالب الغالبية العظمى من المصريين، إلا أنها تواصل التحريض والتجييش الذي هو أخطر ما يواجه مصر في الوقت الحالي، فمصر الآن في حاجة إلى التهدئة، بعد أن نجحت ثورة المصريين ووضعت مطالبهم موضع القبول والتنفيذ.
التحريض في الوقت الحالي يمكن أن يدخل مصر في حالة يصعب الخروج منها، ويفتح الباب أمام القوى المتربصة لتبث سمومها وتدفع المصريين إلى الاقتتال.
رأينا الشرطة المصرية في 25 يناير 2011 تختلف عن الشرطة المصرية في 25 يناير 1954، ففي 25 يناير 1954 قدم رجال الشرطة المصرية أرواحهم فداء لبلدهم عندما رفضوا ترك مواقعهم لقوات الاحتلال الانجليزي وفضلوا الموت على الانسحاب. ولكن الشرطة المصرية في 25 يناير 2011 تخلت عن المصريين وعن دورها المقدس في حفظ الأمن والأمان.
ولكننا في مقابل مشاهد الشماتة والكره التي أبدتها قناة الجزيرة، ومشاهد النذالة التي صنعتها قيادات الحزب الوطني، رأينا مشاهد غاية في الأهمية، أو بالأحرى رأينا دروسا كبيرة في الوطنية، وفي حب الوطن والخوف عليه وفي التلاحم بين المواطنين المصريين مسلمين ومسيحيين.
رأينا جيشا مصريا غاية في الرقي والتحضر يحمي الناس والمنشآت بمسؤولية واحترام ويذكرنا بتاريخه العظيم وبدماء شهدائه التي سالت من اجل تحقيق النصر في حرب أكتوبر 1973. إنه بحق جيش وطني نفخر به، ولا نتوقع من جيش قدم الدماء والشهداء على مدى تاريخه أن يقتل المصريين أو يروعهم.
رأينا شبابا مسلمين يقومون بحراسة الكنائس في ظل غياب الحراسات التي كانت توفرها لها قوات الشرطة من قبل، ورأينا مسيحيين يقفون حول المسلمين الذين يؤدون الصلاة في ميدان التحرير حتى يفرغوا من صلاتهم ليقوموا هم بعمل قداس لهم ويثبتون أن الفتنة الطائفية موجودة فقط في وسائل إعلام الدول التي تسعى إلى تخريب مصر.
رأينا كل محافظات مصر بما فيها من مدن وقرى تحكم نفسها بنفسها وتفرض الأمن في ربوعها.
ولم نر أبدا من يرفع شعارا أجنبيا أو علما أجنبيا أو من يجعل مطالبه رهنا بموافقة جهات أو دول أجنبية.
هذه المشاهدات تؤكد لنا حقيقة مهمة هي أن مصر، رغم صعوبة الظرف الذي تعيشه ورغم المحاولات الساعية لإزالتها (كدولة) من على الخريطة، عصية على الفوضى وعصية على التفكك والانهيار وأنها فوق الأشخاص وأنها ستنهض بسرعة من كبوتها وتغسل أحزانها.

وحمى الله مصر العروبة
من كل سوء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية