العدد 1119
الإثنين 07 نوفمبر 2011
banner
زواج فل من فل... باطل... باطل!!
الأحد 28 أبريل 2024

كلمة “فل” هي المفرد من كلمة “فلول”، وراج استخدام كلمة فلول في الصحف ووسائل الاعلام المصرية وفي خطب الجمعة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير التي أسقطت نظام الرئيس حسني مبارك، للاشارة إلى رجال ذلك النظام الذين فقدوا مكانتهم وسلطتهم فجأة.
واجتهد أعضاء الجماعات الدينية، كالإخوان المسلمين والسلفيين وغيرهم ممن قاموا بالثورة أو أيدوها لإبعاد هؤلاء “الفلول” عن المشاركة في الحياة السياسية في مصر خلال المرحلة القادمة، وقد استجابت الحكومة المصرية والمجلس العسكري لضغوط هذه الجماعات والضغوط الشعبية وقامت بصياغة قانون خاص يمنع على هؤلاء الفلول المشاركة السياسية خلال فترة معينة، على اعتبار أنهم شاركوا في إفساد الحياة السياسية في مصر في فترة ما قبل الثورة، وفي البداية أطلق على هذا القانون قانون الغدر، ثم بعد ذلك تم تسميته بقانون العزل السياسي.
إلى هذا الحد والأمور تبدو طبيعة إلى حد ما، فلابد أن يعاقب كل فاسد على فساده ولابد أن يجني كل إنسان ثمار ما غرست يداه، ومن يزرع الشوك يجني الجراح، ولكن المسألة لدى البعض لم تتوقف عند حد العزل السياسي لأتباع الرئيس السابقنولكنها وصلت إلى حد إعلان الحرب على ملايين من البشر من العائلات التي استفادت أو التي كاانت لها ميزات معينة في عهد الرئيس المخلوع.
فقد وصل الأمر بأحد المشايخ الذين تعلموا في الأزهر الشريف، تلك المؤسسة الدينية ذات المكانة والاعتبار في العالم كله، أن أطلق فتوى عجيبة تقول أن الزواج من بنات وأبناء الفلول، واستدل الشيخ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اياكم وخضراء الدمن” (يعني لا تتزوجوا من خضراء الدمن) قالوا وما خضراء الدمن يا رسول الله، قال المرأة الحسناء في المنبت السوء.
واعتبر الشيخ أن البنات والبنين الذين هم من ذرية أعضاء الحزب الوطني المنحل أبناء منبت سوء ولا يجوز الزواج منهم، وحسب ما عرفنا من وسائل الاعلام المصرية ومن الضجة الاعلامية التي صاحبت هذه الفتوى الغريبة، أن أبناء وبنات أعضاء الحزب الوطني المنحل يبلغون حوالي ثلاثة ملايين، يعني ما يعادل سكان البحرين والكويت وقطر تقريبا.
لقد ضرب الشيخ صاحب الفتوى مثلا بزواج الشيماء أخت الرسول صلى الله عليه وسلم في الرضاعة والتي طلقت من ابن خالتها عندما جاء الاسلام لأنه لم يؤمن بالرسول وظل على كفره.
فهل هذه الفتوى مقبولة من جمهور العلماء؟ وهل يجوز إطلاق مثل هذه الفتاوى المضحكة في وقت تمتلأ فيه الدولة المصرية بالصراعات والفتن؟ ألا يمكن أن تؤدي هذه الفتوى إلى ممارسة الاضطهاد بكل أنواعه ضد طائفة كبيرة من الناس؟ وحتى لو افترضنا جدلا أن كل الذين انضموا للحزب الوطني فاسدون أو حتى كفار، فهل يعاقب الإبن أو البنت بذنب الأب يا فضيلة الشيخ؟
هذه الفتوى العجيبة من وجهة نظري هي أشد خطرا على المجتمع من الفتوى التي أصدرها شيخ مصري أيضا وحرم فيها “تزغيط البط” (إطعام البط عنوة بوضع الطعام في فمه لكي يسمن ويزداد وزنه)، لأن”تزغيط” البط أو تركه بدون “تزغيط” لا يضر أحدا، ولكن حرمان الملايين من الزواج معروف النتائج.
إن من حق هؤلاء الناس محاسبة هذا الشيخ لأنه أعطى مبررا لاضطهادهم والتنكيل بهم واستعان بالقرآن والسنة لتدمير حياة ملايين من الناس.
 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .