تدشين جلالة الملك للحوار وجعله بلا خطوط حمراء،ثم تلقي جلالته لما صدر عنه بهذا الحماس والترحيب هو بلا شك بداية لمرحلة جديدة في تاريخ البحرين،فجلالته امر السلطتين التشريعية والتنفيذية القيام بما يلزم تجاه ما تم التوافق عليه خلال الحوار الوطني فيما يتعلق بتفعيل الإرادة الشعبية في الحكومة ،ووضع معايير محددة لاختيار أعضاء مجلس الشورى ودعم استقلال السلطة القضائية وتعزيز حقوق الإنسان.
هذه المرونة التي يتعامل بها جلالة الملك مع المطالب الشعبية التي تمخض عنها الحوار الوطني تعطي دليلا جديدا على ان الإصلاح التدريجي في البحرين هو منهج وقناعة ثابتة لدى جلالته،وأن ديناميكية التغيير في المجالات المختلفة مسألة تتفق تماما مع متطلبات المشروع الإصلاحي.
وإلى جانب الجدية التي استقبل بها جلالة الملك المطالب السياسية والحقوقية والاقتصادية،لم يتردد جلالة الملك لحظة في الاستجابة للمطالب الخاصة برفع مستوى معيشة المواطن البحريني،فأعلن جلالته عن زيادة رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين والمتقاعدين،على اعتبار أن الأحوال المعيشية تتصل إلى حد بعيد بعمليات الشحن التي يمارسها البعض من أجل إثارة المواطنين وتحريك الشباب من أجل تحقيق أجندات خاصة لا علاقة لها بمصلحة الشعب البحريني.
هذه الاستجابة الملكية الكريمة لمطالب أبناء الشعب البحريني تضعنا شعبا وحكومة أمام مسئوليات كبيرة خلال المرحلة القادمة،فالحكومة مطالبة بالعمل الجاد من أجل تنفيذ توجيهات جلالة الملك فيما يتعلق بارتقاء أحوال المواطنين في الصحة والتعليم والبنية الأساسية ومطالبة بتحويل كل الوعود إلى حقائق ملموسة،والأهم من ذلك أن تقوم بتوفير موارد حقيقية تفي بالزيادة التي يطمح إليها الموظفون في كافة القطاعات،ولابد أن تضع الحكومة خطة محكمة خلال السنوات القادمة لحل مشكلة البطالة التي تعد من الأسباب الرئيسة التي تدفع الشباب إلى المشاكة في أعمال العنف.
ومما يساعد في تهدئة نفوس المواطنين وزيادة شعورهم بالثقة في الأداء الحكومي أن تكون هناك سياسة واضحة للثواب والعقاب تطبق على كبار الموظفين،وأن تكون الترقية والمكافأة لمن يحقق مستويات معينة في خدمة الجماهير وإنجاز مصالحهم.
أما المواطن البحريني فمطلوب منه أن ينظر إلى الأمام وينسى الأحداث الماضية ويبدأ العمل الجاد من أجل دفع عجلة التنمية في البلاد،لأن التنمية الشاملة عملية لابد أن يتكاتف من أجلها الشعب والحكومة معا.
وعندما يقوم كل منا بواجبه على أكمل وجه سوف نحاصر الساعين لشق الصفوف الراغبين في محو البحرين من على الخريطة.