العدد 798
الثلاثاء 21 ديسمبر 2010
banner
اليوم العالمي للغة العربية
الإثنين 06 مايو 2024

هل سمع أحد أن الأمم المتحدة، ممثلة في هيئة اليونسكو، خصصت يوما للاحتفاء باللغة العربية؟ وهل أعطى الإعلام العربي ليوم الثامن عشر من ديسمبر أي اهتمام إعلامي يليق بلغتنا الجميلة ووعاء ثقافتنا العريقة؟ أم أن هذا الأمر لا يعني إعلامنا العربي في شيء؟
الإعلام العربي الذي ينطق بالعربية ويكتب بالعربية، في اعتقادي، لم يهتم بهذا الحدث بأي شكل من الأشكال، فهل من المعقول أن يحتفل العالم بلغتنا العربية ونحن كعرب لا نعير الأمر اهتماما؟
ألا يجب أن يكفر الإعلام العربي بعضا من ذنوبه التي ارتكبها في حق اللغة العربية؟ الإعلام العربي مسؤول بشكل مباشر عن تسفيه اللغة العربية والاستهزاء بها وبمن يدرسها ومن يتعلمها، ومسؤول عن طغيان العامية عليها في كثير مما يقدمه. والسينما العربية، والمصرية منها على وجه الخصوص، مسؤولة، إلى حد بعيد، عن تراجع استخدام العربية، لأنها وصمت من يتحدثها ويعلمها بالتخلف والغباء، وقدمته بشكل مشوه شكلا ومضمونا.
ولولا أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم ولغة الخطابة الإسلامية وأداة لفهم العلوم الشرعية المرتبطة بملايين المسلمين، لدخلت في دوامة الضياع التي أصابت غيرها من اللغات وأدت بها إلى الانقراض.
هل تخصيص اليونسكو يوما عالميا للغة العربية يشبه تخصيص الأمم المتحدة يوما لمرض الإيدز، أو يوما للمعاقين أو للمرأة أو غيرهم من المرضى والمضارين والمعنفين في هذه الحياة، كما عودتنا الأمم المتحدة التي لم يعد لديها سوى أن تتجمل وتعلن عن وجودها من خلال بعض الأنشطة الإنسانية في عدة مناسبات؟
هل هو حفل تأبين للغة العربية نتيجة لما جرى لها من إهمال وتضييع، أم أنه مناسبة للاحتفاء باللغة العربية ودعوة للقائمين على المؤسسات المعنية بها للعمل من أجل الحفاظ عليها من الانقراض بشتى الوسائل الممكنة؟
كثيرا كتب المتخصصين في اللغة العربية وعشاقها عن ما أصابها من ضرر، نتج بعضه عن إهمال أهلها لها منذ زمن بعيد، ونتج بعضه الآخر عن هجوم غول العولمة الثقافية الساعي إلى محو الهويات وزرع ثقافة عالمية واحدة في عقول الأجيال الحالية، ولكننا لا نرى شيئا عمليا يصب في خانة إنعاشها وإعادتها عزيزة محترمة.
اللغة العربية تحتاج إلى تكاتف الجميع من أجل الحفاظ عليها، تحتاج إلى تعليم يبسطها ويحبب الدارسين فيها،ويخصص قدرا من الدرجات يليق بها، ولا يجعلها أقل شأنا من بقية المواد الدراسية؟ اللغة العربية تحتاج من الحكومات العربية أن ترفع من شأنها وتجعلها من أهم معايير التفوق وأسس التقييم في الحصول على الوظائف العليا، جنبا إلى جنب مع اللغات الأجنبية. اللغة العربية تحتاج من الإعلام العربي أن يضفي عليها ثوب الاحترام الذي نزعه من عليها منذ وقت طويل.
لا نريد أن يكون اليوم العالمي للغة العربية مجرد مناسبة ويوما لإحياء الذكرى كما يحدث مع كل الأشياء التي ماتت، ولكننا نريد من الحكومات العربية أن تصنع الجديد كل عام من أجل إعادة الاحترام للغة العربية،لا بد ان تكون مكاتباتنا باللغة العربية، ولا بد أن تكون اللافتات الموجودة في شوارعنا باللغة العربية، ولا بد أن نعود أبناءنا على تقديس اللغة العربية.
زبدة القول:
تقول اللغة العربية في رثائها لنفسها في قصيدة الشاعر الخالد حافظ ابراهيم:
رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي
وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حياتِي
رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني
عَقِمتُ فلم أجزَعْ لقَولِ عِداتي
وَلَدتُ ولمَّـا لم أجِدْ لعـرائسي
رِجالاً وأَكفاءً وَأَدْتُ بناتِي
وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظـاً وغايـة ً
وما ضِقْتُ عن آيٍ به وعِظاتِ
فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلة ٍ
وتَنْسِيقِ أسماءٍ لمُخْترَعاتِ
أنا البحر في أحشائه الدر كامـن
فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية