العدد 425
الأحد 13 ديسمبر 2009
banner
إيران وأوراقها الإقليمية
الثلاثاء 30 أبريل 2024

واهمون... واهمون الذين يعتقدون أن ثمة فرق بين إيران الثورة وبين إيران الشاه فيما يتعلق بأهداف إيران وسياستها الخارجية، فكل ما حدث بعد الثورة هو إلباس الأهداف الإيرانية ثوبا إسلاميا من أجل اختراق الدول العربية واستثمار العاطفة الدينية للشعوب العربية من أجل مصلحتها الخاصة، واستثمار البعد الديني للقضية الفلسطينية في تحريض الشعوب ضد حكامها من دون تقديم أي شيء عملي يخدم القضية.
واهمون... واهمون الذين يعتقدون أن إيران يهمها مصلحة الطائفة الشيعية في بلادنا العربية، فإيران لا يهمها إلا مصلحتها، ويوم أن يسمح الغرب لإيران بإتمام حلمها النووي ويعطيها ما تريد، ستضحي إيران بكل من يعتبرون أنفسهم جنودا إيرانيين مخلصين في بلادنا العربية، فهم مجرد أوراق على المائدة تستخدمهم أو تلقي بهم حسب الضرورة.
لن نتحدث هنا عن المساعدات الهائلة التي قدمتها إيران للولايات المتحدة خلال حربها على طالبان أفغانستان وحجم المعلومات التي قدمها الدبلوماسيون الإيرانيون لنظرائهم الأميركيين.
ولن نتحدث عن استعانة إسرائيل بخرائط وصور فوتوغرافية للمفاعل النووي العراقي قدمتها لها إيران لتقوم بتدمير هذا المفاعل، ولا عن اجتماع تم في فرنسا بين ضباط أمن إسرائيليين ومندوب عن الخميني لمناقشة مسألة تدمير المفاعل العراقي قبل شهر من وقوعه.
ولن نتحدث عن مشاركة إيران إلى جوار الولايات المتحدة في خراب العراق، لأن الرئيس أحمدي نجاد توصل إلى السبب الحقيقي الذي جعل الأميركيين يحتلون العراق، وقال إن أميركا جاءت إلى العراق لكي تتمكن من القبض على المهدي المنتظر الذي سيخرج من هناك. وكأن الرئيس الإيراني يريد أن يقنع شريحة كبيرة من المسلمين أن إيران دخلت هي الأخرى للعراق لكي تحبط المخطط الأميركي الساعي إلى القبض على المهدي.
ولكننا نتحدث عن محاولات إيرانية دؤوبة للتفاهم مع الغرب من أجل الحلم النووي، وإن اقتضى الأمر تقديم كل وكلاء إيران المعتمدين كأضاحٍ على مائدة التفاهم مع الغرب.
يقول الكاتب تريتا بارزي مؤلف كتاب “حلف المصالح المشتركة” الذي يتناول الاتصالات السرية بين إيران وإسرائيل والولايات المتحدة، إنه بعد دخول الأميركيين بغداد في العام 2003 والانهيار السريع للحرس الجمهوري العراقي، قرر الإيرانيون مد يد العون للولايات المتحدة وقاموا بوضع كل شيء على الطاولة وأعلنوا استعدادهم للتفاوض حول حزب الله والصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وحماس والجهاد والبرنامج النووي الإيراني وأعدوا لصفقة مع الولايات المتحدة تضمن اقتراحات إيرانية أعدت داخل الدائرة الضيقة جدا للحكومة الإيرانية التي تضم وزير الخارجية كمال خرازي والرئيس محمد خاتمي والسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة والسفير الإيراني لدى فرنسا. وقد تضمن الاقتراح الإيراني وقف الدعم الإيراني لحركتي حماس والجهاد الإسلامي والضغط على الجماعتين لوقف هجماتهما على إسرائيل. كما عرض الإيرانيون على الأميركيين دعم عملية نزع سلاح حزب الله وتحويله إلى حزب سياسي صرف، إلى جانب الموافقة على التفاهم حول البرنامج النووي وفتحه أمام لجان التفتيش والتوقيع على البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة عدم الانتشار والمعاونة الكاملة في الحرب على (الإرهاب) والقضاء على تنظيم القاعدة والعمل على دعم الاستقرار في العراق.
وكان البند الأكثر إثارة فيما ذكره الكاتب عن العرض الإيراني هو قبول إيران بإعلان بيروت الصادر عن القمة العربية، أي خطة السلام التي أعلنها ولي العهد السعودي في مارس 2002.

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية