+A
A-

مؤسس مشروع "الباحث الصغير" علي حبيب

‭ ‬ويلفت‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬أننا‭ ‬قد‭ ‬نكتشف‭ ‬الموهبة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصرفات‭ ‬أطفالنا،‭ ‬في‭ ‬لعبهم،‭ ‬أو‭ ‬حديثهم،‭ ‬أو‭ ‬تصرفاتهم،‭ ‬فيكون‭ ‬ما‭ ‬نكتشفه‭ ‬مقدمة‭ ‬لمواهب‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬ألق‭ ‬أطفالنا‭ ‬إذا‭ ‬تمت‭ ‬تنميتها،‭ ‬كالدور‭ ‬القيادي‭ ‬للطفل‭ ‬في‭ ‬اللعب،‭ ‬وأسئلة‭ ‬الطفل‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬حبه‭ ‬للتعلم،‭ ‬وردود‭ ‬فعله‭ ‬تجاه‭ ‬المواقف‭ ‬المختلفة،‭ ‬ونحتاج‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نراقب‭ ‬اهتماماتهم،‭ ‬ونعي‭ ‬أن‭ ‬زمانهم‭ ‬غير‭ ‬زماننا،‭ ‬فقد‭ ‬يميلون‭ ‬للرسم،‭ ‬ونحن‭ ‬لا‭ ‬نحب‭ ‬الرسم‭ ‬مثلاً،‭ ‬فلا‭ ‬يعني‭ ‬هذا‭ ‬أن‭ ‬نضيع‭ ‬فرصة‭ ‬ربما‭ ‬تنتج‭ ‬لنا‭ ‬فنانًا‭ ‬عظيمًا‭. ‬وقد‭ ‬نراهم‭ ‬يميلون‭ ‬للعب،‭ ‬فلا‭ ‬نتوتّر‭ ‬ونعتبر‭ ‬كل‭ ‬اللعب‭ ‬ملهاة‭ ‬ومضيعة‭ ‬للوقت،‭ ‬فهناك‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬وينمي‭ ‬مهارات‭ ‬التفكير‭ ‬ومتوفر‭ ‬لكل‭ ‬الطلبة‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬مثل‭ ‬لعبة‭ ‬ماينكرافت‭ ‬التعليمية،‭ ‬والأهم‭ ‬في‭ ‬نظري‭ ‬لاكتشاف‭ ‬سريع‭ ‬وجيد‭ ‬للموهبة‭ ‬لدى‭ ‬أطفالنا‭ ‬هي‭ ‬الاستعداد‭ ‬الجيد‭ ‬للمربين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬المهم‭ ‬سواء‭ ‬أكانوا‭ ‬أولياء‭ ‬أمور‭ ‬أم‭ ‬معلمين‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تضيع‭ ‬فرصة‭ ‬لطفلنا‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬الموهبة‭ ‬والإبداع‭.‬

يتمنى‭ ‬السفر‭ ‬للفضاء‭!‬

يواصل حبيب كلامه فيتطرق إلى أنه من المهم جدًّا التقرب من الطفل لمعرفة شخصيته، وزيادة الرابط بيننا وبينه، لأن هذا من أهم العوامل التي تساعد في رسم شخصيته منذ الصغر، فلا يتردد في البوح بما يحب، فإما أن يكون جيدًا له فننميه، أو أن يكون ضارًّا فنبعده عنه أو أن نطوّعه لمنفعته، علاوة على تشجيع أحلام وأمنيات الأطفال، فقد يتمنون مثلا أن يسافروا للفضاء، فما المانع من تحقيق حلمهم في ما يتيسر لنا، وإن كان بتوجيه هذا الحلم للقراءة والاطلاع؟ فربما يتطور الأمر لديهم يومًا ما، وألا تقلل من اهتمامات طفلك، فهو يرى رسم صورتك البعيدة عن الفن في عمر صغير أنها أعظم لوحة، ويحتاج منك للتشجيع، وما أبسطه، حيث يمكنك إهداؤه علبة ألوان وتشجيعه على الرسم السليم، وهنا بعض النقاط المهمة لأولياء الأمور والمربين:

الجأ إلى المتخصصين في ما تعتقد أنه يرتبط بموهبة ابنك، فحين ترى ابنتك مثلا تهوى الخياطة، فيمكنك تسجيلها في دورة خاصة بهذا المجال، فالمختص سينمي موهبة ابنتك بسرعة وسلاسة.

كن قريبًا من معلم ابنك، وسهّل عليه مهمته بإعطائه صورة واضحة عن ميول واهتمامات ابنك ليصقلها ويطورها، فالطفل يميل كثيرًا لمن يحبه، والمدرسة حقل خصب تزهر فيه المواهب وتنمو.

اعط الفرصة لطفلك ليقود برنامجًا بيتيًّا أو رحلة خارجية، فهذا يكسبه القدرة على التنظيم، ويظهر ما إذا كانت لديه مواهب في هذا المجال كإدارة البرامج والتقديم مثلاً.

اعرض إبداعات طفلك على القريبين منك لتتسع دائرة التشجيع، فهي عامل مساعد في تنمية موهبته.

شجعه على الاستمرار في عمل ما يهوى، وقدم له التغذية الراجعة، وامدح تقدّمه، خاصة إذا كان بدفعات كبيرة ومطّردة.

لا تقارن طفلك بأحد حتى بك، فكل إنسان له شخصيته الخاصة التي يحتاج أن يكون بها مستقلا، مع عدم إغفال إكسابه الصفات الإيجابية، ولكن المقارنة السلبية عامل هدم للموهبة.

شجعه على القراءة في ما يحب أن يكون، حتى يسير في جانب التخصص بعد تنمية الموهبة، فهناك رسام، وهناك من فاق الموهبة ليكون متخصصًا في الرسم.

نمّ لديه المهارات التي تناسب نمط تفكيره وتعلّمه، وخاصة مهارات القرن الحادي والعشرين، التي تأخذ بيده لعالم أكثر اتساعًا في التفكير والإبداع، والأهم من كل هذا هو البدء المبكر في الخطوات المذكورة وعدم التثاقل أو التسويف أو اليأس.

مدمرات‭ ‬كثيرة‭ ‬للموهبة

من أهم أسباب تراجع أو تدمير الموهبة كما يقول محدثنا حبيب هي عدم الاكتراث باهتمامات وميول أطفالنا، سواء أكان عن جهل أو عدم اهتمام. وهناك مدمرات كثيرة للموهبة، أهمها: المشاكل الأسرية، والمعاملة السيئة للطفل، حيث إنها تضعف شخصية الطفل، وبالتالي عدم قدرته على إبراز ما يحسن، وكذلك الإدمان على الألعاب بحيث تبعد الطفل عن التعلم واكتساب المعارف والخبرات. وخاصة الألعاب التي لا تنمي تفكير الطفل، أو التي تستنزف طاقته ووقته، ثم السخرية والاستهجان داخل الأسرة وخارجها، كأن يكتب بيت شعر ونركز على الوزن الشعري أو الكلمات، التي بقدر أهميتها في سبك البيت الشعري، إلا أنها قد تحفز ابننا للابتعاد عن الشعر نهائيًّا بسبب الإحباط، وعدم التعامل مع أفكار الطفل بصورة تربوية، بحيث نقتل حس المبادرة لديه، التقوقع في الأفكار والأنشطة المقدمة للطفل، بحيث لا تأخذه بعيدًا لجو الإبداع والابتكار، قلة أنشطة مهارات التفكير، والاقتصار على مهارات الحفظ والاستذكار.

إن من الأهمية بمكان الاستفادة من الزخم التقني المتوفر حاليًّا في المدارس والمنازل، وتشجيع الطفل على استخدام البرامج المفيدة، والاستفادة من المواقع التعليمية، وأقول لولي الأمر: كافئ إنجاز طفلك، فكلما أبدع في فكرة، كافئه بما يشجعه على المزيد، وضع في عقله أن يكون دائمًا مختلفًا بتميزه في الدراسة، فهي من أكبر العوامل المساعدة على تنمية تفكيره وشخصيته.

 

مقومات‭ ‬اكتشاف‭ ‬المواهب

للمؤسسات التعليمية والمجتمعية دور كبير في رعاية الأطفال الموهوبين، وهنا يؤكد حبيب على أن المدرسة  هي البيت الثاني للطفل، وفيها من المقومات ما يجعل من أطفالنا موهوبين إذا أُحسِن اكتشاف وصقل مواهبهم، وكذلك المؤسسات المجتمعية، حيث إن عليها مسؤولية إثراء الأنشطة والبرامج، خاصة في فترة العطلة الصيفية التي تكون أحيانًا عاملاً سلبيًّا في تراجع الكثير من مكتسبات الطفل في المدرسة.

لدينا أيضًا الأندية الصيفية التي تقيمها وزارة التربية والتعليم في المدارس، والبرامج الثقافية والرياضية والفنية التي تقيمها الأندية، فيمكن لهذه المؤسسات أن تقيم الدورات التدريبية في الفنون والتصميم والرياضة مثلا، ويمكن للمؤسسات الثقافية أن تقيم البرامج الثقافية والشعرية وما يتعلق بتنمية القراءة وغيرها.

كذلك يمكن لبرامج خدمة المجتمع التطوعية أن تبرز الكثير من الطاقات والمواهب التي يمكنها أن تمثل البحرين في محافل مختلفة، ويمكن الاستفادة من البرامج التقنية في إقامة أنشطة عن بُعد حتى لا تكون جائحة كورونا عائقًا عن الاستمرار، فهناك المعارض الافتراضية، وهناك الورش التدريبية التي يمكن إقامتها عن بُعد في كثير من المجالات ويكون أثرها كبيًرا جدًّا.

 

مشروع‭ ‬الباحث‭ ‬الصغير‭.. ‬أساس‭ ‬الفكرة‭ ‬ونتائجها

جاءت فكرة الباحث الصغير أساسًا من إحساسي بضرورة الرقي بتفكير أبنائنا، حيث إنني أطلع على العديد من التجارب في مجال التعليم، خاصة بعد حصولي على شهادة معلم مايكروسوفت الخبير من مايكروسوفت. حيث إنها فتحت لي بابًا واسعًا للتعرف على العديد من الخبرات التعليمية العالمية في مجال تنمية المواهب ودمج التقنية بالتعليم وتنمية مهارات التفكير العليا وكذلك تنمية مهارات القرن الحادي والعشرين، وهنا، لا يفوتني شكر وزارة التربية والتعليم على كل ما قدمته لي من دعم، وخاصة في الجانب الإعلامي بإبراز هذا المشروع.

إن فكرة الباحث الصغير مبنية على ربط التعليم بالحياة بصورة كبيرة، وتنمية مهارات التفكير الإبداعي وحل المشكلات في العالم الحقيقي، وهي من مهارات القرن الحادي والعشرين. فقد قمت بتحليل كتاب العلوم وتحديد التجارب المضمنة في الدروس وبحث إمكانية التطبيق المنزلي.

كانت المشكلة أننا في جائحة كورونا نعتمد التعلم عن بُعد، وتلاميذي في الصف الأول، ولم أرهم وجهًا لوجه في الصف. لكن إصراري على التغلب على هذا العائق، جعلني أثب بقدم قوية، بعد وضع خطة واضحة لعملي، ارتكزت على وضوح الهدف مما أرغب في الوصول له، وهو طلاب مختلفون مفكرون مبدعون، ثم استعرضت البرامج التي يمكنها مساعدتي وتكون متوفرة ومتاحة لجميع التلاميذ وتناسب قدرات أولياء الأمور، فاعتمدت البرامج المدعومة من وزارة التربية والتعليم مثل برامج أوفيس 365 في المقام الأول.

بعد ذلك، نظمت لقاء افتراضيًّا عرفت فيه أولياء الأمور بالمشروع، وبدأت بتدريبهم على البرامج التقنية والفنية مثل برنامج مايكروسوفت تيمز والبوابة التعليمية وبرنامج فليبغريد وبرامج المونتاج المتوفرة في الهاتف النقال وبرامج الحفظ والأرشفة والتراسل المتوفرة في حزمة أوفيس 365، ثم بدأت بالتجارب البسيطة ووضعت تقييمًا مرحليًّا للبرنامج للوقوف على كل الصعوبات التي تعترض تقدم المشروع، أفضل ما ساعدني على زيادة ارتباط تلاميذي بالبرنامج هو تحويل كل تجربة لمسابقة يتم فيها اختيار الفائز كل أسبوع وتكريمه، كذلك فإن نشر وزارة التربية والتعليم لخلاصة المشروع أعطاه دفعة قوية وزاد اهتمام أولياء الأمور به، ومثّل عملية نقل للخبرات التعليمية بدل أن تكون حبيسة الصف والمدرسة.

 

من أهم النتائج التي أفرزها برنامج الباحث الصغير بعد عام من تطبيقه:

مشاركة جميع المتعلمين وتحقيق الكفايات التعليمية المرتبطة بالتجارب ولو بنسب متفاوتة بحسب اختلاف مساوى التلاميذ.

تنمية العديد من مهارات التفكير العليا والتفكير الناقد ومهارات القرن الحادي والعشرين.

تجربة برامج جديدة مثل برنامج دمج الخبرات ، التعليم بمنحى ستيم (STEAM) الذي يقوم على دمج المواد لحل المشكلات (S: Science, T: Technology, E: Engineering, A: Arts, M: Mathematics).

ربط التلاميذ بمواقف خارج نطاق البحرين لتمثلها ومحاولة إيجاد الحلول لها، كمشكلة السفينة العالقة في قناة السويس، حيث استخدمت برنامج فليبغريد (Flipgrid) من مايكروسوفت وأصبح تلاميذي من خلاله متحدثين ومبتكرين صغارًا ينشرون أفكارهم ليشاهدها أقرانهم في البحرين وخارجها.

تطور مستواهم في حل المشكلات من خلال استخدام لعبة ماينكرافت التعليمية في مادة التعليم لإجراء بعض التجارب البسيطة كتأثير الضوء على الأماكن المعتمة وتأثير الليل والنهار علينا لربطه بدرس الضوء في مادة العلوم، كذلك شاركوا في حدث ساعة برمجة العالمي الذي ينمي لديهم موهبة البرمجة منذ الصغر. وحصل عدد منهم على شهادات لإكمالهم مستويات متقدمة في هذا البرنامج.

ختامًا،‭ ‬أشكر‭ ‬أسرة‭ "‬أجيال‭ ‬البلاد‭" ‬على‭ ‬إتاحة‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬للحديث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬المهم،‭ ‬ليستفيد‭ ‬أبناؤنا‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬كثيرة‭ ‬متاحة‭ ‬تنمي‭ ‬مواهبهم‭ ‬واهتماماتهم،‭ ‬وترشد‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬لنقاط‭ ‬ربما‭ ‬يغفلون‭ ‬عنها‭ ‬فيخسر‭ ‬أبناؤهم‭ ‬فرصة‭ ‬لتنمية‭ ‬مواهبهم‭.  ‬