العدد 5676
الإثنين 29 أبريل 2024
banner
احمد عبدالله الحسين
احمد عبدالله الحسين
خربشة ومغزى.. "الترادف.. مرونة في التعبير"
الأحد 14 أبريل 2024

الترادف هو مرونة في التعبير واحد ميزات اللغة العربية التي أغنت المعاجم بكثرة الالفاظ التي تشير إلى معنى واحد، أي يُعبَّر عن الترادف باكثر من كلمة تفيد نفس المعنى، وبعبارة أخرى أشتراك كلمتين مختلفتين أو أكثر في الدلالة على معنى واحد. وهنالك معنى آخر للترادف وهو التتابع أي تتابع شيءٌ خلف شيء. هكذا وصف أبن المنظور في معجم لسان العرب؛ وترادف الشئ تبع بعضه بعضا. وكذلك أبن جني في كتابه الخصائص قوله؛ "أن تجد للمعنى الواحد أسماء كثيرة، فتبحث عن أصل منها، فتجده المعنى مفضي إلى معنى صاحبه".

ولهذا كلّ كلمة لها إيماءات خاصة تناسب سياقا دون آخر تصيب دقة معنى. ومزيد قول عن الترادف هو ربط الجرجاني في كتابة التعريفات ربطاً طريفاً بين دلالته اللغوية ودلالته الاصطلاحية، يقول؛الترادف ما كان معناه واحداً، وأسماؤه كثيرة أخذاً من الترادف الذي هو ركوبُ أحدٍ خَلْفَ آخر، كأن المعنى مركوب، واللفظان راكبان عليه كالليث والأسد.

أهل اللغة بعضهم ذكر أن الترادف واقع الاستخدام اللغوي، وله فوائد معروفه وهذا قول كثير ممن تحدث في موضوع الترادف كابن خالويه والفيروزبادي وغيرهم. أما فؤائد الترادف فهي مرونة الأخبار والتعبير ما في النفس باكثر من لفظ. إذ ربما نسي أحد اللفظين، أو عسر عليه النطق به.

وفائدة أخرى لمستخدم الترادف هو إظهار الفصاحة وأنماط البلاغة في النظم والنثر، أو في السجع والقافية والتجنيس والترصيع وغير ذلك من أصناف البديع التي تكون المرادفات فيها. واحيانا اُسلوب الترادف يطرد الملل والسآمة عند السامع والقارئ سيما إذا راوح المتحدث بنفس اللفط يكرره.  

وفي دلالات اللغة ينفع أستخدام المترادفين لإظهار تجلي في المعنى حينما يُردف مع اللفظ الآخر فيكون شرحا للآخر الخفي. أما الفاظ الترادف في اللغة العربية فهي كثيرة لا يحجزها حد، أو يحصيها عد والتي منها مثلا؛
سرور وحبور وفرح  
أو غم وحزن وترح وأسى
وكذلك خاف وجزع ووجل ورهب
ومنها رقة ورحمة وحنو وعطف
وغيرها كهفوة وزلة وعثرة وكبوة
ومن الالفاظ الأشمّ؛ المُرتفع والعالي والأنِف
فقْر؛ عوز وعيلة وحاجة ومسغبة
والقائمة تطول لوافر الكلمات في اللغة العربية. 

وملمح آخر 
أن العرب توسعوا وأستفاضوا في مرادفات الحبّ لمكانته وتكرار وروده حتى بلغت مرادفاته قرابة الستين أسما وهذه بعضها “المحبة، الهوى، الصبوة، الصبابة، الشغف، الوجد، الكَلَف، التيمم، العشق، الجَوى، الشوق، الشجن، الحنين، اللوعة، الخُلة، الغرام، الهيام، الوله. ولطالما أوردوا للحبّ القصص والأمثال، وكان لهذه المعاني وفرة ذِكر في كُتب التراث وحتى مدونات الفقه والحديث والتفسير.

ختاما 
الترادف يعتبر ظاهرة ثراء في اللغة والفصاحة وسعة للدلالات وكثرة التمايز في المعاني والتعبير عن الصفات، وعند البحث في المعاجم اللغوية نجد مزيد استشارة لتحديد الدلالة الأصلية لاي لفظ أُستخدم في سياق الكلام أو الكتابة، بل نتعرف على الدلالات والمعاني الهامشية بين كل مترادفين، وما يربطهما من درجات القرابة بين أي لفظين، وهذا مزيد لغوي يتذوقه العرب.

هذا الموضوع من مدونات القراء
ترحب "البلاد" بمساهماتكم البناءة، بما في ذلك المقالات والتقارير وغيرها من المواد الصحفية للمشاركة تواصل معنا على: [email protected]
صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية