العدد 5663
الثلاثاء 16 أبريل 2024
banner
اجتماع التطهير العرقي
الثلاثاء 16 أبريل 2024

في عصر يوم 10 مارس عام 1948 اجتمع 11 رجلا بينهم ضابطان وقادة إسرائيليون ووضعوا خطة لتطهير فلسطين عرقيا، وعندما حل المساء أرسلت هذه الخطة إلى الوحدات الإسرائيلية على الأرض من أجل الاستعداد لعملية طرد ممنهج للفلسطينيين مع شرح الأساليب المستخدمة لطردهم بالقوة، بداية من حرق المنازل والبضائع وهدم البيوت وانتهاء بزرع الألغام بين الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة إلى منازلهم المهدمة.

إنها جريمة تطهير عرقي كاملة الأركان قامت بها إسرائيل منذ أكثر من 70 عاما ولا تزال، هذه الجريمة أكدها المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابيه، ما جعل البعض يصفه بأنه أشجع مؤرخ إسرائيلي وأكثرهم تمسكا بالقيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية. فالرواية الإسرائيلية تكذب كعادتها وتزعم أن العرب قاموا بعملية انتقال طوعي، وأنهم قرروا أن يهجروا بيوتهم وقراهم ليفسحوا الطريق أمام الجيوش العربية القادمة لتدمير دولة إسرائيل الوليدة.

في ذروة عمليات التطهير العرقي تحرك ضمير الوسيط الدولي الكونت برنادوت أول وسيط سلام ترسله الأمم المتحدة إلى الشرق الأوسط، قدم توصيات بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم، وكذلك وضع القدس كاملة تحت السيادة العربية. هذه المقترحات رفضها العرب والإسرائيليون، لكن لم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد اتفقت منظمتا "ارجون" التي كان يرأسها مناحم بيجن، و"شيترن" وكان يرأسها اسحق شامير على اغتيال الوسيط الدولي برنادوت، واغتيل في 17 سبتمبر اثر تعرض سيارته لإطلاق نار. بالطبع لم تتم محاسبة أحد من القتلة على هذه الجريمة، وهو ما يحدث في كل الجرائم التي ترتكبها إسرائيل سواء ضد الفلسطينيين أو الوسيط الدولي أو حتى رجال الإغاثة السبعة التابعين للأمم المتحدة الذين قتلتهم إسرائيل في غارة على دير البلح قبل أيام.

إسرائيل كعادتها تكافئ القتلة والمجرمين، أصبح شارون رئيسا للوزراء وكذلك بيجن الذي حصل أيضا على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الرئيس السادات!

اجتماع التطهير العرقي الأول لم يكن مجرد اجتماع، لكنه كان عنوانا لفلسفة دولة تخرق كل القوانين والأعراف الدولية.

 

* مدير تحرير “الأهرام”

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية