+A
A-
الأحد 20 يناير 2013
التجارة أطاحت بكل ما هو جميل وطبيعي
ورود الشعانين المفعمة بالحياة أصبحت بلا عبق ولا رائحة
عندما تقررتِ الكتابة في ملحق أشياء عن الورد، حضر في ذاكرتي مباشرة ذكريات عن أجمل ورود وزهور كنت أعشقها في طفولتي، ولعلني في أشياء أحب أكثر ما أحب أن أسترسل في الحديث عن أشياء طفولتي أكثر، وأذهب لأماكن لم تستطع مشقات الحياة أن تنال من بريقها الرائع الذي مهما تقدم بي العمر، فمن الصعب أن يخبو!
ولا أعلم، فقد نجحت “أشياء البلاد” بالتسلل إلى ركن ذكريات الطفولة في مواضيع عدة، تلك الذكريات التي لم أكن يومًا أظن أنني سأسترجعها في بلاد دلمون وعلى صفحات الجريدة. وأنا أتحدث هنا عن عيد الشعانين بالذات الذي يعيِّد فيه المسيحيون من كل عام قبل أسبوع من عيد الفصح المجيد، فكانت العادات أن يحمل الأطفال شموعًا مزينة بالورود والشرائط اللماعة الملونة ويرتدون أبهى الثياب ويحتفلون بالقداديس، ثم يضيئون الشموع المزينة ويسيرون في زياحات تمتزج فيها روائح البخور بضوع الورود المتألقة على الشموع المحمولة بالأيادي الغضة.
لعيد الشعانين معزة كبيرة في قلبي، الكلمات مهما تأنقت واختيرت بعناية، فإنها لن تعبر عن مدى سعادتي وفرحتي بذلك اليوم، كان والدي يقطف أحلى الورود ويذهب لبيت جدتي رحمها الله التي كانت تحتفظ لنا كل سنة على شجيرة زنبقتها البيضاء بزنابق رائعة تشبه الأجراس الفضية، ثم يشتري لنا الشمعات الخاصة بالعيد ويعمل باكرا جدا على تزيينها بالورود، ثم يشك فيها غصنا من شجرة زيتون عبارة عن السلام، لأننا كمسيحيين نؤمن بأن المسيح هو ملك السلام، ولما زار أورشليم على جحش ابن أتان فرش اليهود الأرض بأغصان النخيل واستقبلوه بالترحاب والهتافات، ونحن نزين الشموع كرمز عن زيارته لأورشليم.
كنت أمسك بشمعتي والفرحة العارمة تتجسد في ابتساماتي ونظراتي التي لا كانت لا ترى من الدنيا سوى عالم مغلف بالأيمان والبراءة ومحبة الأهل، كان قلبي في تلك الفترات يشبه الورود الجميلة، وكل شيء رغم الحرب الأهلية المشتعلة أوارها آنذاك كان أبيض كشمعتي البيضاء.
والمفارقة أن الأولاد منذ التسعينات لم يعيشوا ذكرياتنا الجميلة مع الورود التي مازالت تزهر في دواخلنا، كيف كنا نقطفها مع الوالد وكيف كانت توَّظب على طبق من القش، وكيف يتم اختيار الأفضل منها للشمعة، وكيف كانت والدتي تكوي لنا الشرائط فتنساب كالحرير الذائب معانقة الورود الملونة على رؤوس الشمعات.
هؤلاء لم ولن يتذوقوا يوما معنى أن ينتظروا شجيرات الورود لتزهر، وأن يتم العناية بها وصولا لعيد الشعانين، ذلك أن التجارة أطاحت بكل ما هو جميل وصرنا نشتري لأبنائنا فيما بعد شموعا مستوردة ومزينة بالورود الاصطناعية الجامدة التي لا رائحة لها ولا حياة حقيقية فيها.
ولا أعلم، فقد نجحت “أشياء البلاد” بالتسلل إلى ركن ذكريات الطفولة في مواضيع عدة، تلك الذكريات التي لم أكن يومًا أظن أنني سأسترجعها في بلاد دلمون وعلى صفحات الجريدة. وأنا أتحدث هنا عن عيد الشعانين بالذات الذي يعيِّد فيه المسيحيون من كل عام قبل أسبوع من عيد الفصح المجيد، فكانت العادات أن يحمل الأطفال شموعًا مزينة بالورود والشرائط اللماعة الملونة ويرتدون أبهى الثياب ويحتفلون بالقداديس، ثم يضيئون الشموع المزينة ويسيرون في زياحات تمتزج فيها روائح البخور بضوع الورود المتألقة على الشموع المحمولة بالأيادي الغضة.
لعيد الشعانين معزة كبيرة في قلبي، الكلمات مهما تأنقت واختيرت بعناية، فإنها لن تعبر عن مدى سعادتي وفرحتي بذلك اليوم، كان والدي يقطف أحلى الورود ويذهب لبيت جدتي رحمها الله التي كانت تحتفظ لنا كل سنة على شجيرة زنبقتها البيضاء بزنابق رائعة تشبه الأجراس الفضية، ثم يشتري لنا الشمعات الخاصة بالعيد ويعمل باكرا جدا على تزيينها بالورود، ثم يشك فيها غصنا من شجرة زيتون عبارة عن السلام، لأننا كمسيحيين نؤمن بأن المسيح هو ملك السلام، ولما زار أورشليم على جحش ابن أتان فرش اليهود الأرض بأغصان النخيل واستقبلوه بالترحاب والهتافات، ونحن نزين الشموع كرمز عن زيارته لأورشليم.
كنت أمسك بشمعتي والفرحة العارمة تتجسد في ابتساماتي ونظراتي التي لا كانت لا ترى من الدنيا سوى عالم مغلف بالأيمان والبراءة ومحبة الأهل، كان قلبي في تلك الفترات يشبه الورود الجميلة، وكل شيء رغم الحرب الأهلية المشتعلة أوارها آنذاك كان أبيض كشمعتي البيضاء.
والمفارقة أن الأولاد منذ التسعينات لم يعيشوا ذكرياتنا الجميلة مع الورود التي مازالت تزهر في دواخلنا، كيف كنا نقطفها مع الوالد وكيف كانت توَّظب على طبق من القش، وكيف يتم اختيار الأفضل منها للشمعة، وكيف كانت والدتي تكوي لنا الشرائط فتنساب كالحرير الذائب معانقة الورود الملونة على رؤوس الشمعات.
هؤلاء لم ولن يتذوقوا يوما معنى أن ينتظروا شجيرات الورود لتزهر، وأن يتم العناية بها وصولا لعيد الشعانين، ذلك أن التجارة أطاحت بكل ما هو جميل وصرنا نشتري لأبنائنا فيما بعد شموعا مستوردة ومزينة بالورود الاصطناعية الجامدة التي لا رائحة لها ولا حياة حقيقية فيها.