العدد 2675
الأربعاء 10 فبراير 2016
banner
السنوات العجاف عربيًا أحمد سند البنعلي
أحمد سند البنعلي
ومضات
الأربعاء 10 فبراير 2016

إن كان حديث الأمس عن ما ينتظرنا محليا من سنوات عجاف فإن المنطقة العربية قد يكون حالها أسوأ بعد السنوات العجاف التي مرت بها طوال الخمس سنوات الماضية ومنذ نشر ما أطلق عليه الربيع العربي، فإن كنا نشعر أننا مقبلون على شد للحزام اقتصاديا في منطقة الخليج العربي، فإن المنطقة العربية سيكون حالها أشد سوءا بعد ما مرت به وتمر به حليا.
قد يكون ما أصاب الكثير من البلدان العربية مؤخرا أشد تأثيرا من تلك الحوادث الجسام التي عشناها خلال العقود الماضية، فهي أشد من نكسة العام 1967 التي أثرت في فكر الإنسان العربي وحولت الكثير منه في اتجاهات مختلفة وفقدت من خلالها أمتنا العربية أجزاء كبيرة من أرضها مازالت تقبع تحت الاحتلال الصهيوني، وهي حتما أشد تأثيرا من الغزو العراقي للكويت العام 1990، وهو الغزو الذي يراه الكثيرون قد وجه ضربة قوية للفكر القومي العربي في أعماقه وجعل من فكرة الوحدة العربية أبعد من حلم غير قابل للتحقيق، والتكامل العربي أمرا صعبا، أما وضعنا الحالي فقد ضرب الوحدة الوطنية الشعبية وفي الأقطار العربية المختلفة في صميم انتمائها الوطني، وفرق الأمة إلى شيع وأحزاب متنافرة، وجعل الشعب الواحد في القطر الواحد يحمل كل فرد السلاح فيه بوجه أخيه في الوطن وليس فقط في الانتماء القومي.
وليت الأمر وقف عند ذلك الحد، بل امتد لتمزيق الأقطار العربية بدلا من توحيدها بناء على المذهب أو العرق أو الدين، وأطلق اليد الأجنبية لتعيث في الأرض العربية وبطلب من أبناء الأمة أنفسهم، فبعد أن كنا في حرب مع ذلك التدخل عندما كان يجثم على الأمة في هيئة استعمار أو احتلال، بتنا ندعوه للعودة من جديد لمناصرة فئة من الشعب العربي المسلم على حساب فئة عربية مسلمة أخرى، لقد فتحنا ابواب أرضنا للأجنبي، بل أضحينا نمول تدخله في شؤوننا من أموال الشعب العربي، فأية مصيبة تلك التي وضعنا أنفسنا فيها؟
ومع ذلك نقول لا بأس لو أن الأمر توقف عند هذا الحد وبدأنا في تطبيب حال الأمة ووضعها على طريق التعافي مما ألم بها، وإنما مازال الوضع يزداد سوءا يوما بعد يوم، ومازال الانحدار مستمرا، ليس إلى القاع بل إلى ما دون القاع، ومازالت أطياف الأمة تبتعد عن بعضها، لقد أوجدنا البيئة المناسبة لنمو فكر التطرف الذي لا صديق له ولا يحمل هوية معينة، فكر يرى الجميع على خطأ ويَسْتَهوِنُ القتل لأتفه الأسباب وأحيانا بلا سبب.
يريد البعض ان يضع اللوم كله على الشعب العربي في ما أسمي بالربيع العربي، وأنه وراء ما وصلنا إليه، مع أن ذلك لا يعدو أن يكون نتيجة وليس سببا، والصحيح هو البحث عن السبب الذي دفع الشباب والشعب العربي بمجمله للقيام بما قام به منذ 2011 وحتى الآن، فلم يكن الشعب العربي هو السبب في ضياع الأرض العربية، وهو ليس السبب في واقع الظلم الذي تعيشه الأمة، وهو ليس من يقوم بالتمييز بين أبناء الأمة على أساس العرق أو الدين او المذهب، وهو لم ينهب خيرات الأمة ليترك شعبها في أشد الحاجة، هو لم يفعل شيئا من ذلك، بالتالي ليس هو السبب في ما وصلت إليه أمتنا، فمن هو الجاني والملام على حالنا اليوم... الله أعلم.  

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية