العدد 1746
الجمعة 26 يوليو 2013
banner
القاصرات! سمر المقرن
سمر المقرن
الجمعة 26 يوليو 2013

لست من هواة متابعة المسلسلات التلفزيونية، لا في شهر رمضان ولا في غيره، فبعد أن توقف مسلسل (طاش ما طاش) الذي كانت متابعتي له متقطعة، لم أحرص على متابعة أي كوميديا بعده، فالهزل الذي يُخيم على الدراما الخليجية بشكل عام بات واضحًا، ولولا دعم بعض القنوات القوية لهذه المسلسلات، لما تابعها أحد.
هذا العام، في ثاني أيام رمضان، بعثت لي صديقة تنصحني بمتابعة مسلسل القاصرات، الذي تبثه قناة MBC دراما، مؤكدة لي أنه يتناول قضية تهمني وكثيرًا ما كتبت وتحدثت عنها في وسائل الإعلام. تابعت المسلسل، ولا استطيع أن أحكم عليه من الناحية الدرامية حكمًا نهائيًا، لكن بإمكاني أن أتناوله كقضية، فبرغم أنه يحكي قصة مؤلمة فيها كثير من انتهاك لطفولة البنات، وبرغم ما يحتويه من – بعض - المشاهد المقززة، إلا أنه كفكرة يجسدها فنان بحجم صلاح السعدني، تعتبر بالغة الأهمية. فما نكتبه في سنوات، يستطيع إيجازه مسلسل أو برنامج في قناة بحجم قناة MBC لإيصال الرسالة المطلوبة لنشر الوعي في مجتمعاتنا العربية. فقضية زواج القاصرات شائعة في معظم أرجاء العالم العربي، ومازالت قائمة بل وتتفاقم مع الأحداث السياسية، كما رأينا وسمعنا عن مزادات الاتجار بالبشر التي يقوم بعض اللاجئين السوريين، في بيع بناتهم القاصرات، متعللين بالأوضاع الصعبة التي تمر عليهم، من وجهة نظري، لا يلجأ إلى هذا إلا شخص عديم الأخلاق فاقد للقيم، فالإنسان صاحب المبدأ يختار الموت على أن يجعل ابنته متاحة في مزادات الشواذ جنسيًا هواة الزواج من القاصرات!.
ليس لدي أية تسمية أخرى، لأي رجل تشتهي نفسه الزواج من قاصر سوى أنه مريض نفسيًا ومصاب بالشذوذ الجنسي!.
مسلسل القاصرات، يحمل في طياته رسالة أتمنى بالفعل أن تصل إلى أكبر عدد ممكن في عالمنا العربي، الذي يتهاون في تزويج الطفلة ونقلها إلى مرحلة عمرية تسبق سنها بمراحل عديدة، فالمشاهد التي نراها لفتيات صغيرات هي اغتيال حقيقي للطفولة، ووأد لروح الطفلة وإنسانيتها، وقفز على مشيئة رب العالمين، الذي خلق الإنسان بمراحل عمرية لكل منها خصائص تختلف عن الأخرى.
الإشكالية التي وقفت في وجه الحد من جريمة تزويج القاصرات، تعتمد على قصور الوعي، وتغييب العقل في فهم النصوص الدينية في تأويلها حسب الإرادة الذكورية، كما في قصة زواج رسولنا الكريم من عائشة – رضي الله عنها - مع أن كثيرا اجتهدوا في إيضاح أن رسولنا لم يدخل بها إلا في سن التاسعة عشر، وأصحاب هذا الرأي هوجموا وفُسقوا لأنه ضد الرغبة الشاذة لبعض الذكور!.
الغريب أن من يريد الاقتداء برسولنا الكريم، يتحدث في سياق زواجه من عائشة، ويتناسى أنه مستثنى عن البشر، فقد جمع تسع نساء، وهذا دليل أن لا رجل يمكنه أن يفعل ذلك!.
تزويج القاصرات، يحتاج إلى حملة إعلامية قوية، لا تقف عند حدود هذا المسلسل وغيره، بل حملة مستمرة لا يحددها وقت ولا مكان، لعلنا ننقذ ما تبقى من أشلاء الطفولة، التي صارت تُنتهك من كل اتجاه!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية