العدد 2647
الأربعاء 13 يناير 2016
banner
شخصياً تعبت من الديمقراطية! أحمد جمعة
أحمد جمعة
الأربعاء 13 يناير 2016

قبل سنوات انغمس مجلس النواب في مناقشة عقيمة عن استضافة نانسي عجرم ثم غرق مرة أخرى في مناقشة منع هيفاء وهبي من الغناء في البحرين، وأذكر يومها أن بعض النواب أخذوا من الحادثتين موقفاً متشدداً واعتبروا الموافقة للمغنيتين المذكورتين بالغناء في البحرين من الكبائر، ودخلوا في سجال مع المجتمع البحريني وأضاعوا ساعات بل وأياما من أوقاتهم في البحث، باتخاذ خطوات ضد الحكومة إن سمحت بذلك، وأذكر أن وزيري الإعلام السابقين واجها نواب تلك الحقبة بتراخ مسكون بخوف، وفي النهاية مرت العاصفة وغنت كل من نانسي عجرم وهيفاء وهبي ولم تقم القيامة ولم تسقط السماء على الأرض ولم يتداع الكون، غنى الناس واحتفلوا وطربوا وانتهى كرنفال النواب بعد أن اضاعوا اياما في مناقشات عقيمة حول مغنيتين عربيتين ليستا بمستوى بتهوفن ولا بمستوى صالح عبدالحي، ودارت الأيام حسب اغنية أم كلثوم ووقعت الواقعة وشهدت البحرين اخطر محاولة انقلاب في تاريخها الحديث وانتشلتنا يد القدر ويد الرجال  الأبطال ووقفة الشرفاء من الشجعان وحسم الشرفاء وقفتهم وأنقذوا البحرين.
 ماذا قدم مجلسا النواب والشورى منذ بدء المحنة حتى الآن لشعب البحرين، مع أنه يفترض انهم يمثلون هذا الشعب؟ فمنذ الأزمة حتى الآن لم نر ولم نشهد مواقف وفعاليات تليق بهذا المجلس تستطيع ان تعبر عن مستوى الحدث.
ما أريد الوصول اليه اليوم بعد هذا العرض الموجز هو: لماذا كتب علينا منذ نشأة المجلسين  - الشورى والنواب - وحتى الساعة أن يضيع وقت البحرين وطناً وشعباً بينما كان الأولى أن تخصص إمكانيات المجلسين لدعم الشعب والوطن؟ لن أقول حلوا المجلسين ودعونا نعود للوضع السابق الذي كان فيه الوقت كله مخصصا للتنمية والبناء وشهدت خلاله البحرين نهضتها الذهبية، لن أقول ذلك لأنني ادرك أولاً مدى غضب البعض من ذلك لأنه يعني سقوط الرهان ولأنه في الوقت ذاته ضد طبيعة المرحلة التي تتطلب أمام العالم وجود مجلس تشريعي، اذا لابد من وجود المجلس التشريعي حتى لو قال الشعب كله إنه لا يريده، الماركة العالمية تفرض ذلك، وإلا اتهمونا بالدكتاتورية مع العلم أن أكبر نظام دكتاتوري في العالم هو النظام الغربي الذي يريد في كل مرة فرض توصياته على الدول والشعوب الأخرى خارج سربه.
خلاصة الكلام اليوم اننا وصلنا لحالة  نفاد الصبر مع المجلسين فيما يتعلق فقط بناحية واحدة اناقشها اليوم وهي اضاعة الوقت الذي يقال عنه من ذهب، هذا المجلس يملك موهبة خارج المعقول في اهدار الوقت فيما لا ينفع ولا يفيد، لقد انقضت سنوات وفي كل مرة تطرح أمور أقل ما يمكن ان يقال عنها انها لا علاقة لها لا بأمن البلد ولا استقراره ولا تنميته والدليل على ذلك ان هذا المجلس ومن الدورات السابقة كان جل اهتمامه الوشوم وبعض المغنيين وتقاعده ونشر الصور في الجرائد حتى ينتهي الفصل ويأتي فصل آخر يذكرنا بأغنية فيروز أنا وشادي.
لا أظلم الجميع، قد يكون هناك نائب أو نائبان أو خمسة لديهم من الجدية والمسؤولية الحقيقية تجاه الشعب والوطن، ولكن ما نفع الباقي؟ فالأكثرية تجر المجلس لتلك المماحكات والجدل العقيم الذي لا ينفع البلد.
سأعطيكم مثالاً على ما يمكن أن يذهب اليه المجلس في المرحلة الراهنة.
البلد بمرحلة دقيقة وحساسة من التحديات على صعيد أمنها الوطني وعلى صعيد اقتصادها والوضع المالي، لماذا لا يكرس المجلس وقته كله في شكل جلسات استثنائية فقط لهذين الأمرين الجليلين؟
لماذا لا يحسم أمره ويترك الوشوم والتقاعد الخاص به وصور النساء على الجرائد ويقرر مرة واحدة كسب ثقة المواطن فيه؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية